مورد التزاحم، إيجابيّة المبلّغ قد تتعرّض للتزاحم بين المصلحة الشخصيّة والمصلحة الرساليّة. نعم، صحيح ما قلناه من أنّ مصالح الرسالة ومصالح هؤلاء الذين يعملون في سبيلها تتوحّد في كثير من الأحيان، ولكنّها لا تتوحّد دائماً، وإلّا لأصبح كلّ إنسان رساليّاً. ورساليّة الرساليّين، عظمة الأنبياء والأوصياء، عظمة هذه المواكب الحاملة للنور منذ خلق اللَّه آدم على وجه الأرض إلى يومنا هذا، عظمة هذا الموكب مستمدّة من هذه المواقف التي كان يتّخذها رجالات هذا الموكب في موارد التزاحم بين مصلحة الرسالة في هذه الموارد، ويتبلور ويظهر الفرق بين إيجابيّة الرساليّين وإيجابيّة المصلحيّين النفعيّين.
المصلحيّون النفعيّون الذين عاشوا بعقليّة المصلحة الشخصيّة، هؤلاء كثيراً ما ينهارون في مورد التزاحم، فيقدمون على مصلحتهم الشخصيّة ولو أدّى ذلك إلى فوت المصلحة العامّة للرسالة، ويجدون في العناوين الثانويّة أو غيرها من المبرّرات أو حتّى قد لا يجدون مبرّراً ويقدمون. أمّا هؤلاء الرساليّون السائرون في طريق موكب حملة النور مع الأنبياء والأوصياء والشهداء والصدّيقين، أمّا هؤلاء- أ يّها الإخوان- فإنّهم هم الذين يجب أن يُثبتوا في لحظاتٍ شخصيّتهم كدعاة، شخصيّتهم كمبلّغين، وذلك بتقديم الرسالة على ذواتهم، على وجودهم، على مصالحهم.
وكيف لا يقدّمون؟! ألم يقدّم قادة هذا الموكب، قادة موكب النور، ألم يقدّموا الرسالة على حياتهم، على وجودهم، على كلّ ما يمكن أن تصل إليه مطامع الإنسان؟! ألم تكن الدنيا منفتحة للحسين عليه السلام، ألم تكن الدنيا بكلّ ما فيها من متع، بكلّ ما فيها من إغراء، بكلّ ما فيها من جاه، بكلّ ما فيها من مال، كانت منفتحة للحسين عليه السلام؟! لم يكن الحسين بحاجة إلى جاه، ولم يكن بحاجة إلى مال، ولم يكن الحسين بحاجة إلى شيء من المتع إلّاويجده بين يديه، ولكنّ هذه