تعصف بالامّة الإسلاميّة ورسالتها، وكان الواعون من المسلمين بقيادة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام يواجهون تلك المحن والفتن بقلبٍ مطمئنٍّ وإرادةٍ صامدةٍ وروحٍ مستعدّةٍ للتضحية والفداء، وكانت القيادة الواعية لأئمّتنا الأطهار وسائر الواعين من أبناء الامّة هي الضمان الوحيد لعدم الانحراف، والقوّة الصامدة في وجه الضلال، وقد كلّف ذلك أئمّتنا عليهم السلام حياتهم، فخرّ هذا الإمام العظيم صريعاً في المحراب وهو يدافع عنكم وعن رسالتكم وكرامتكم، وخرّ أولاده صرعى بين قتيلٍ ومسموم، ولم يترك أهل البيت عليهم السلام- بالرغم من كلّ ما لاقوه من ألوان المحن والاضطهاد- خطّهم العظيم وعملهم المتواصل في خدمة الإسلام ودفع الظلم عن الامّة والحفاظ على مصالحها ومقاومة الحكّام الظالمين الذين يتآمرون عليها.
وجاء بعد ذلك دور العلماء، فكانوا ورثة الأئمّة في قيادتهم، وامتداداً لدورهم في الذبّ عن مصالح الامّة والدفاع عن كرامتها وحماية تراثها وعقائدها، وقد كان العالم في مختلف العصور التي مرّت بها الامّة يعيش دائماً مع الناس وفي قلوب الناس، يذبّ عنهم إذا اضطهدوا ويواسيهم إذا اوذوا ويعيش محنتهم إذا امتحنوا، ويرفض أيّ مساومة مهما كانت لكي يظلّ الممثّل الحقيقي لمصالح الامّة وعقيدتها.
وتاريخ النجف .. نجفكم أ يّها المؤمنون في كلّ مكان .. أ يّها المسلمون في أرجاء الأرض .. نجفكم الصامد المجاهد الثابت على خطّ أئمّتكم الطاهرين .. إنّ تاريخ النجف أكبر دليل على هذه الحقيقة الناصعة، لأنّ النجف منذ عشرة قرون تقريباً وإلى يومنا هذا هو مركز العلماء وبلد الحوزة العلميّة التي تحمل رسالة الإسلام وفقه الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام.
وقد أثبتت هذه الحوزة العلميّة في مواقفها المختلفة التي وقفتها بقيادة