وأمّا النظام الاقتصادي في الإسلام فلا يتّفق مع كلتا النظرتين، ولا يؤمن بأنّ الملكيّة الخاصّة هي وحدها المبدأ، ولا أنّ الملكيّة العامّة هي وحدها المبدأ، بل يقرّر الأشكال المختلفة للملكيّة في وقت واحد، ويضع بذلك مبدأ الملكيّة المزدوجة (الملكيّة ذات الأشكال المتنوّعة) بدلًا من مبدأ الشكل الواحد للملكيّة. فهو يؤمن بالملكيّة الخاصّة والملكيّة العامّة وملكيّة الدولة، ويخصّص لكلّ واحد من هذه الأشكال حقلًا خاصّاً، ولا يعتبر شيئاً منها شذوذاً أو علاجاً مؤقّتاً اقتضته الظروف.
ولهذا كان من الخطأ أن يسمّى المجتمع الإسلامي مجتمعاً رأسماليّاً، وإن سمح بالملكيّة لرأس المال ببعض وسائل الإنتاج، لأنّ الملكيّة الخاصّة ليست عنده هي القاعدة.
كما أنّ من الخطا أن نطلق على المجتمع الإسلامي اسم المجتمع الاشتراكي، وإن أخذ بمبدأ الملكيّة العامّة في بعض الثروات، لأنّ الشكل الاشتراكي للملكيّة ليس هو القاعدة في رأيه.
وكذلك من الخطأ أيضاً أن يعتبر مزاجاً مركّباً من هذا وذاك، لأنّ تنوّع الأشكال الرئيسيّة للملكيّة في المجتمع الإسلامي لا يعني أنّ الإسلام مزج بين المذهبين الرأسمالي والاشتراكي وأخذ من كلّ منهما جانباً، وإنّما يعبّر ذلك التنوّع في أشكال الملكيّة عن تصميم مذهبي أصيل، لنظريّاته[1] الخاصّة التي تناقض النظريّات الخاصّة للرأسماليّة والاشتراكيّة.
وليس هناك أدلّ على صحّة الموقف الإسلامي من الملكيّة القائمة على أساس مبدأ الملكيّة المزدوجة، من واقع التجربتين الرأسماليّة والاشتراكيّة، فإنّ كلتا التجربتين اضطرّتا إلى الاعتراف بالشكل الآخر للملكيّة الذي يتعارض مع
[1] في المصدر:« لا نظريّاته»، وقد صحّحنا العبارة وفقاً للمعنى الذي جاء في: اقتصادنا: 323