التوازن.
ويكفي أن نشير هنا إلى محاربة الإسلام لاكتناز النقود، وإلغائه للفائدة، وتشريعه لأحكام الإرث، وإعطاء الدولة صلاحيّات ضمن منطقة الفراغ المتروكة لها في التشريع الإسلامي، وإلغاء الاستثمار الرأسمالي للثروات الطبيعيّة الخام.
فالمنع عن اكتناز النقود وإلغاء الفائدة يقضي على دور المصارف الرأسماليّة في إيجاد التناقض والإخلال بالتوازن، عن طريق امتصاصها الجزء الكبير من ثروة البلاد بقوّة إغراء الفوائد الربويّة. والقضاء على دور المصارف الرأسماليّة ينتج طبيعيّاً عدم قدرة المال الفردي غالباً على التوسّع في حقول الإنتاج. والتجارة إنّما تعتمد في مجتمع كالمجتمع الرأسمالي على المصارف الرأسماليّة التي تمدّ تلك المشاريع بحاجتها من المال، نظير فائدة محدودة، فإذا منع الاكتناز وحرمت الفائدة لم يتيسّر للمصارف أن تكدّس في خزائنها النقد بشكلٍ هائل، ولا أن تمدّ المشاريع الفرديّة بالقروض، فتبقى النشاطات الخاصّة على الصعيد الاقتصادي في الحدود المعقولة التي تواكب التوازن العامّ، وتترك طبيعيّاً المشاريع الكبرى في الإنتاج إلى الملكيّات العامّة للدولة.
ويضاف إلى ذلك أنّ امتلاك الدولة للموادّ الأوّليّة للصناعة (المعادن) وللجزء الأكبر من الأرض، يجعل بإمكانها الإشراف وقيادة جميع قطّاعات الإنتاج الزراعي والصناعي الخاصّة، وتوجيهها الوجهة الإسلاميّة الصحيحة. وتشريع أحكام الإرث- الذي تقسم التركة بموجبه غالباً على عدد الأقرباء الورثة- يعتبر ضماناً آخر لأنّه يفتّت الثروات باستمرار ويحول دون تكدّسها.