الصورة المحسوسة لديه بالذات، فهذا الحكم لا يمكن إرجاعه إلى العقل الأوّل، فكثيراً ما يخطئ الإنسان في حكمه ذاك، والبياض في الواقع من الصفات الذاتيّة التي تثبت للصورة المحسوسة.
الآن يُدعّى- بحسب المفهوم العلمي السائد- أنّ الألوان عبارة عن صفات ذاتيّة وليست صفات واقعيّة، وهي دعوى لم يبرهن عليها بعد. ولكن سواء قدّم لها برهانٌ أم لم يقدّم، فإنّنا لا نستطيع القول: إنّها خلاف البداهة، وإنّ حال مدّعيها حال من ينكر أنّ الخطّ المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين؛ فإنّ كلّ من ينكر القضيّة الأخيرة يمكن لك أن تكذّبه.
يبقى مسألة تتعلّق بالمحسوسات، وهي أنّ اختلاف الصورة المحسوسة بالذات يكشف عن اختلاف الواقع الخارجي، وأنّ التمييز بين الأشياء في عالم الخارج يقوم على أساس التمييز بين آثار هذا العالَم لدى الإنسان، وهي عبارة عن الصورة المحسوسة بالذات. ولكنّ هذا لا يعني إضفاء صفة الصورة المحسوسة على هذا الواقع، وإنّما غاية الأمر أنّ كلّ موجود في عالم الخارج يقابله رمز، وعلاقة الصورة المحسوسة بالذات بالواقع المحسوس بالعرض تكون حينئذٍ علاقة الرمز بما يرمز إليه. وإذا تحدّثنا عن المطابقة فالمقصود بها هذا المعنى، أي المطابقة على نحو الرمزيّة.
4- الآن يأتي دور الحديث عن المتواترات، وهي في مصطلح المنطق التقليدي[1]: القضايا التي يحصل لدى النفس علمٌ بها بشكل قاطع،
[1] انظر مثلًا: النجاة من الغرق في بحر الضلالات: 115؛ البصائر النصيريّة في علم المنطق: 376؛ القواعد الجليّة في شرح الرسالة الشمسيّة: 397؛ تحرير القواعد المنطقيّة في شرح الرسالة الشمسيّة: 459؛ الحاشية على تهذيب المنطق: 111؛ المنطق( المظفّر): 333، المتواترات