الإدراك البشري، وهي المعبّر عنه ب (المحسوس بالذات) في مقابل (المحسوس بالعرض)، والأخير هو عالم الخارج نفسه[1].
وإلى جانب هذا التصوّر هناك تصديقان:
التصديق الأوّل عبارة عن أصل وجود عالم خارجي وراء هذا التصوّر، خلافاً للاتّجاهات المثاليّة والسوفسطائيّين الذين ينكرون وجود واقع خارجي.
ونحن نصادق على كون هذا التصديق من مبادئ العقل الأوّل[2].
والتصديق الثاني عبارة عن مطابقة الصورة المحسوسة بالذات للواقع الخارجي المحسوس بالعرض. وبعبارة اخرى: إعطاء المحسوس بالعرض تمام الصفات والخصوصيّات الثابتة لما هو محسوس بالذات[3].
والحقيقة أنّ تصديق الإنسان بمطابقة ما يحسّ به للواقع الخارجي ليس مستفاداً من العقل الأوّل ولا من غيره من العقول، وإنّما هو ناجمٌ عن مجرّد توهّم ينشأ وينمو مع الإنسان منذ طفولته هو الذي يقف وراء ذلك، ولا يمكن السيطرة عليه إلّاللصدّيقين. وهذا التوهّم منشؤه عدم تمييز الإنسان بين المحسوس بالذات وبين المحسوس بالعرض، نتيجة ضعف الفكر وعدم دقّة النظر وقلّة ممارسته للبراهين الفلسفيّة.
إذن: عندما يحكم الإنسان بأنّ الواقع الخارجي أبيض نتيجة بياض
[1] قد يُقصد بهذين الاصطلاحين شيءٌ آخر لدى بعض الفلاسفة القدامى، والمعنى الشائع هو ما ذكره قدس سره هنا، فراجع: شرح المنظومة 5: 229، الهامش( 29)
[2] لكنّ الشهيد الصدر قدس سره انتهى لاحقاً إلى أنّ معرفتنا بالواقع الموضوعي للعالم استقرائيّة، فراجع: الاسس المنطقيّة للاستقراء: 527
[3] راجع: المصدر السابق: 530، الاعتقاد بالتشابه بين المحسوس والواقع