وعلى هذا الأساس يمكننا أن نقول: إنّ ممارسة القياس في المنطق العقلي عبارة عن تطبيق للمبادئ الكلّيّة، وكلّما تمّت ممارسة المعرفة وفق الطريقة الموضوعيّة التي شرحناها حصلنا على توسّعٍ في التطبيق، وعلى مزيدٍ من اكتشافٍ للمصاديق عن طريق عمليّة القياس.
شبهة عقم المنطق العقلي:
ما تقدّم كان- على نحو الإجمال- واقع المعرفة التي تحصل عن طريق التوالد الموضوعي، والتي يقنّن قوانينها المنطق العقلي.
وهنا يأتي دور الحديث عن وجهتي النظر المتنازعتين حول جدوى المنطق العقلي، حيث تذهب إحداهما إلى أنّ المنطق العقلي منطقٌ خصبٌ ومنتج، وأ نّه يحقّق معرفة جديدة؛ بينما تسير وجهة النظر الاخرى في اتّجاه معاكس تماماً، مدّعيةً عقم هذا المنطق وعجزه عن توليد معرفة جديدة، وإذا كان ثمّة ما ينتجه فإنّ إنتاجه لا يعدو كونه دوريّاً، أي مبنيّاً على الدور المبحوث عنه في المنطق؛ لأنّ المعرفة في هذا المنطق إن كانت مبنيّةً- كما ذكرنا- على الشكل الأوّل من أشكال القياس، وكان الشكل الأوّل في نفسه مبنيّاً على الدور، كانت المعرفة العقليّة برمّتها مبنيّةً على هذا الدور، فينهار كلّ ما يصدر عبر التوالد الموضوعي.
وتوضيح هذا الدور: أ نّنا عندما نقرّر القضيّة الكبرى المحفوظة في القياس التالي: «زيدٌ إنسانٌ، وكلّ إنسان فانٍ، فزيدٌ فانٍ»، فلا يخلو الأمر من إحدى حالتين:
1- إمّا أن نكون قد تتبّعنا كافّة أفراد الإنسان- ومنهم زيد- وعلمنا أ نّهم فانون، وبالتالي نحصل على الكبرى التالية: «كلّ إنسان فانٍ»، ثمّ نضعها في