ويحقّق فيها ويدرسها ويستكشف ما هو الحقّ فيها وما هو الخطأ.
وعليه: فالمواد لا تقع ضمن وظيفة علم المنطق[1]؛ لأنّ بعض المواد لا حاجة إلى البحث فيها؛ باعتبارها أوّليّة كما قلنا، والمواد الاخرى الثانويّة تتوزّع على فروع المعرفة البشريّة، والتي تنقسم- بحسب ترتيب القدماء لها- إلى علوم عالية ومتوسّطة وسافلة.
إذن: فما يتبقّى للمنطق هو صورة الفكر، فيبحث في أنّ الصيغة الفكريّة للفكر متى تصدق نتيجتها عندما تكون موادها ومقدّماتها صادقة؟!
وهنا نلاحظ أنّ صدق المواد قد أخذ أمراً مسلّماً ومفروغاً عنه؛ لأنّه خارجٌ عن مهمّة المنطقي ولا يعنيه بحال من الأحوال. ولذلك عندما يقولون: إنّ موضوع علم المنطق- ولا أقلّ منطق البرهان- هو التصديق من حيث إيصاله إلى تصديق مجهولٍ وإلى معرفة مجهولة فإنّهم ناظرون إلى هذه الجهة، أعني صورة الفكر، وإلى أنّ مواد الفكر إذا ركّبت مثلًا بنحو الحدّ الأصغر والأوسط والأكبر فإنّ النتيجة ستكون ضروريّة وصادقة؛ لصدق المقدّمات، ولا ينظرون إلى مواد الفكر.
وبهذا يظهر أنّ المنطق العقلي- وهو الذي يعبّر عنه اليوم بالمنطق
[1] في العديد من المصادر أنّ وظيفة علم المنطق تطال المادّة والصورة معاً( النجاة من الغرق في بحر الضلالات: 8؛ التحصيل: 5؛ الحاشية على تهذيب المنطق: 378؛ تحرير القواعد المنطقيّة في شرح الرسالة الشمسيّة: 457- 458؛ شرح مطالع الأنوار في المنطق: 14؛ بحر الفوائد 1: 30)، ومن بعضها القليل يفهم العكس( شرح حكمة الإشراق: 33)، وربما هو الساري إلى التراث الفقهي( رسائل الشهيد الثاني 2: 763)، ولمّا وقع في احتجاجات الأخباريّين( الفوائد المدنيّة: 257) لم يردّه عليهم الاصوليّون( فرائد الاصول 1: 53) وفلاسفة المفسّرين( الميزان في تفسير القرآن 5: 257)