وجود أعيان خارجيّة، انصبّت الملكيّة على المعنى الآلي الذمّي بلحاظ كونه مرآة للخارج، فإذا فرض أنّ في ذمّة زيد عشرة دنانير، فمعناه أنّ هذه الدنانير العشرة أموال رمزيّة ومرآة لتلك الأموال الخارجيّة. وإنّما فرض ذلك لكي يترتّب على هذه الأموال الرمزيّة نفس الأثر المترتّب على الأموال الخارجيّة؛ فإنّه لا يمكن تصوّر الدنانير العشرة غير الموجودة خارجاً إلّابوجودها الذمّي الرمزي، وإلّا فهي ليست موجودة بين الأرض والسماء من دون أن تستقرّ لا في الذمّة ولا في الخارج. إذن:
1- فالذمّة: وعاءٌ للأموال الرمزيّة وليست وعاءً للخارج، فليس تقسيم الدَّين إلى الذمّة والعهدة تقسيماً اعتباطيّاً، بل هو راجع إلى طبيعة الوعاء الذي يحتوي على الدَّين؛ فما دامت العين موجودة في يد الغاصب، فلا معنى لكونها في ذمّته؛ لأنّ الذمّة وعاء للرموز لا للأعيان الموجودة، وهذا التملّك الذمّي هو الذي عبّر عنه في كلماتهم قدس سرهم ب (شغل الذمّة)، ويعبّر عن المال ب (الدَّين)، وعن المالك ب (الدائن). هذا هو تفسير الذمّة.
2- وأمّا العهدة: فهي وعاء اعتباريٌّ آخر وظرف لشيء آخر يختلف عمّا كانت الذمّة ظرفاً له؛ فالعهدة ظرف للتعهّدات والمسؤوليّات المجعولة على الشخص، سواءٌ منها ما كان مجعولًا من قبل نفس الشخص، كما في الالتزامات التي يتعهّدها الشخص في العقود، ونعني بالالتزامات: الشروط، وكما في النذر على بعض مبانيه؛ أم ما كان مجعولًا بشكل قانون عام، كنفقة الأقارب، لا الزوجة.
فلهذه التعهّدات والمسؤوليّات وعاء آخر اسمه: (العهدة)، وهي كما تكون ظرفاً للأعيان الخارجيّة، كذلك تكون ظرفاً للأعيان الكلّيّة: