تلفها أمر خارجي، وبعده عبارة عن المثل أو القيمة، فمن هنا تخيّل أنّ الفارق الأساسي بين العهدة والذمّة هو: أنّ الأوّل ظرف للشيء الخارجي، والثاني ظرف للشيء الكلّي الذي لا وجود له خارجاً[1].
بينما نرى أنّ بينهما بحسب الحقيقة فرقاً جوهريّاً في تركيبهما العقلائي، والفرق الذي ذكروه إنّما هو من نتائج ذاك الفرق الجوهري الحقيقي، وحاصل هذا الفرق الحقيقي: أ نّه لو واجهنا السؤال الآتي: ما هو معنى الذمّة؟ فنقول في جوابه:
إنّ العقلاء اتّفق لهم في كثير من الأحيان أن كانوا في مقام التمليك والتملّك من دون أن تتيسّر لهم أعيان خارجيّة يصبّون عليها التمليك أو التملّك، كما في المعاوضات التي لا يتيسّر لكلا الطرفين أو لأحدهما مالٌ خارجي يوقع عليه العقد، وكما في باب التحميلات القانونيّة، من قبيل الحكم على من أتلف مال غيره بأ نّه يجب عليه إيفاء مثله له مع عدم وجود المثل عنده؛ ففي مثل هذه الموارد- التي احتاج فيها العقلاء إلى جعل تمليكات على الأموال من دون أن تتيسّر لهم أموال وأعيان خارجيّة- اخترع وعاء سمّي ب (الذمّة)، وفرض فيه وجود أموال هي في الحقيقة مفهومات خارجيّة معتبرة بالمعنى الحرفي لا بالمعنى الاسمي؛ بمعنى أنّ نسبة المال الموجود في الذمّة إلى المال الموجود خارجاً نسبة المعنى الحرفي إلى الاسمي في كون الأوّل رمزاً ومعنىً آليّاً دون الثاني، الذي هو معنى استقلالي.
إذن: ففي الموارد المزبورة التي احتيج فيها إلى جعل تمليكات مع عدم
[1] منية الطالب في شرح المكاسب 1: 308؛ المكاسب والبيع( النائيني) 1: 352. وانظر: حاشية كتاب المكاسب( الإصفهاني) 2: 313، 325 و 3: 110