الفصل الأوّل: حقيقة الحوالة والأنحاء المتصوّرة فيها
المقام الأوّل: المباحث التمهيديّة
وتحقيق هذا الفصل يتمّ بتقديم امور ثلاثة:
الأمر الأوّل: الفرقُ بين الذمّة والعهدة والنسبة بينهما:
إنّ الديون كلّها تشتمل على إحدى المرتبتين: الذمّة والعهدة، فلا بدّ من بيان معنى الذمّة والعهدة، فنقول:
إنّ الذمّة والعهدة من المفاهيم التي وضعها الفقه الإسلامي؛ فهما وعاءان اعتباريّان من الاعتبارات العقلائيّة يختلفان من حيث المظروف الذي يحتويانه:
فإن كان المظروف أمراً شخصيّاً وعيناً خارجيّة، فظرفه العهدة.
وإن كان أمراً كلّيّاً لا شخص له خارجاً، فظرفه الذمّة.
فالذمّة: هي الوعاء الذي صاغه العقلاء واعتبروه ظرفاً للُامور الكلّيّة، والعهدة: هي الوعاء الذي صاغوه واعتبروه ظرفاً للُامور الجزئيّة الشخصيّة الخارجيّة.
وهذا التعريف المزبور لكلٍّ من الذمّة والعهدة كأ نّه مأخوذ من ارتكازات العقلاء في باب الغصب؛ حيث رأوا أنّ العين المغصوبة إذا كانت موجودة يقال:
«إنّها في عهدة الغاصب»، فإذا تلفت يقال: «إنّها في ذمّته»، وحيث إنّ العين قبل