عن الضمان، فلا تتصوّر الحوالة على البريء بنحوٍ يفترق عن الضمان.
هذا ما يذكر في المقام، وهو- كما ترى- غير مربوط بصعوبة أصل تصوير الحوالة.
والحقّ: إنّ الحوالة على البريء أيضاً صحيحة ولا ترجع إلى باب الضمان، وبيان ذلك خارج عن عهدة هذا البحث التعطيلي في هذا الشهر وموكولٌ إلى بحث الحوالة[1].
3- وأمّا ما ذكره من الدليل الثاني على عدم معرفة الفقه الإسلامي لحوالة الدّين- وهو عدم اعترافه ببقاء تبعات الدّين الأوّل بعد الحوالة- فيرد عليه:
إنّ عدم بقاء تلك التبعات يرجع إلى سبب آخر غير تبدّل الدّين بدين آخر، وعدم تصوير نقل نفس الدّين الأوّل إلى ذمّة اخرى؛ وذلك أنّ المال المرهون- بحسب مرتكزات العرف- وثيقة يقصد بها التأ كّد من إفراغ المديون ذمّته وأداء وظيفته، لا التأ كّد من وصول المال الموجود في ذمّته إلى الدائن.
وبتعبيرٍ آخر: إنّه وثيقة بلحاظ الذمّة لا بلحاظ المال الموجود في الذمّة، وحيث أفرغ الشخص بعد الحوالة ذمّته وعمل بوظيفته، فلم يبقَ موضوع للرهن.
وبتعبير ثالث: إنّ الرهن كان بلحاظ الذمّة الاولى وقد تبدّلت الذمّة، فهذا هو الوجه في عدم بقاء الرهن على حاله، لا تغيّر الدّين ولا عدم كون المال المرهون ملكاً للمحال عليه؛ فإنّه لا يشترط في الرهن كون المال المرهون مملوكاً للراهن. ولا أرى مانعاً من أن يجعل الرهن- بالتصريح- رهناً على نفس المال بحيث يبقى حتّى بعد نقله من ذمّة إلى ذمّة اخرى.
وأمّا عدم جواز تأجيل إعطاء الثمن إلى أن يؤخذ المثمن بعد الحوالة- مع
[1] راجع البحث الآتي تحت عنوان:( الحوالة في الفقه الإسلامي)