المشكلة الثانية: وراثة الحقوق الماليّة، من قبيل حقّ الخيار؛ فهناك إشكال يثار أيضاً في مسألة إرث حقّ الخيار، فيقال: إنّ المتوفّى كان يملك فسخ العقد، فإذا ورّث هذا الحقّ، فكيف يمكن هذا؟ وما هو معناه مع أ نّه فِعْلُ المورِّث وحقّه؟ فلا معنى لملكيّة الوارث له؛ فالوارث يمكنه أن يملك شيئاً من ملك المورِّث بحيث يبقى بعد موت مورّثه، أمّا أن يفسخ العقد، فهذا شيء لا يبقى بعد موت المورّث حتّى يورثه.
هذه المشكلة تشبه- بخطوطها العامّة- تلك المشكلة، من حيث إنّ هذا الفعل فعلٌ شخصيّ للمورّث، فكيف تنتقل ملكيّته منه إلى الوارث؟!
وقد قلنا في مقام تحقيق هذه الشبهة: إنّ هذا الفعل له حيثيّتان أيضاً طبقاً لطرز تعبيرنا في علم الاصول: فهناك حيثيّة «المعنى اسم المصدري»، وهي التي تمثّل جهة ماليّته، وهناك حيثيّة «المعنى المصدري» التي تمثّل جهة اكتسابه والتصاقه بالميّت، والإرث يكون بلحاظ الحيثيّة الثانية لا الاولى، على تفصيل لا مجال له هنا.
هذا كلّه في غير الحوالة، أمّا في الحوالة فلم يكن للمشكلة وجود أساساً.
أمّا في ما يخصّ تصوير الشيخ الزرقاء لحوالة الحقّ والدّين، فقد وقع في مشكلة في الحوالة على المدين؛ باعتبار أنّ الحوالة الالتزاميّة لا تنشأ من تحوّل الدائن، كما أنّ بيع الدَّين عند فقهاء أهل السنّة غير جائز[1]، فتصوَّر حوالة الدَّين
[1] لم يختلف فقهاء أهل السنّة في عدم جواز بيع الدّين من غير مَن عليه الدّين، واختلفوا في جواز بيعه ممّن هو عليه، وجمهورهم- بوجهٍ عامّ- لا يجيزه إلّافي أحوال معيّنة، خلافاً للحنفيّة. وبيعُ الدّين بدين لغير مَن هو عليه ولو حالّاً ممنوعٌ عند المالكيّة، وقد جوّزوا بيعه بمعيّن يتأخّر قبضه ولم يجوّزوا بيعه بالنقد( انظر: الموسوعة الفقهيّة 9: 176- 177)