البرهان الثاني: ما ذكره الشيخ الإصفهاني رحمه الله[1] من أنّ الملكيّة تختلف باختلاف الأنظار، فلا يحصل اتّفاقٌ عليها: فكون السقف فوق ما دونه أمرٌ متّفق عليه عند الجميع[2]، حتّى عند الرأسمالي والاشتراكي والشيوعي؛ أمّا ملكيّة الإنسان ريع عقاره، فهو أمرٌ مختلف فيه بين الاشتراكيّين والرأسماليّين، وكذا ملكيّته نتيجة عمله. وهكذا تختلف الأنظار الشرعيّة والعقلائيّة في تحديد هذه الملكيّة وتعيينها، واختلاف الأنظار في المقام يكشف عن كونها- أي الملكيّة- أمراً اعتباريّاً لا حقيقيّاً.
وقد اعترض على هذا البرهان السيّد الاستاذ (مدّ ظلّه)[3]، معتقداً أنّ الامور الحقيقيّة تقع على قسمين: قسمٌ يكون من البديهيّات التي لا تختلف فيها الأنظار، وقسم من النظريّات التي يقع الاختلاف فيها، فيتناقشون في أنّ الجزء الذي لا يتجزّأ مستحيل أم ممكن؟ مع أ نّه أمر واقعي. ويتناقشون في أنّ المسيح عليه السلام مصلوبٌ أم لا؟ مع أنّ حادثة صلبه أو رفعه إلى السماء شأنٌ واقعي.
فالامور الواقعيّة قد يقع فيها النقاش.
لكنّني لا أدري كيف ارتضى السيّد الاستاذ (مدّ ظلّه) تفسير كلام الشيخ الإصفهاني رحمه الله بإرادة عدم وقوع الخلاف في الامور الواقعيّة؟! فيا ليت ذاك العالم الذي لا يقع فيه نقاش في الامور الواقعيّة موجود؛ إذ لو وجد لكان الجنّة عينها.
إنّ الشيخ يدرك جيّداً أنّ الامور الواقعيّة يقع فيها نقاش وخلاف، ولذلك
[1] حاشية كتاب المكاسب( الإصفهاني) 1: 26
[2] إلى هنا من الشيخ الإصفهاني رحمه الله، والتمثيل الآتي من الشهيد الصدر قدس سره
[3] مصباح الفقاهة 2: 22، لكنّ التقسيم بهذا الشكل والتمثيل من الشهيد الصدر قدس سره