تسقط بالإسقاط، بحيث نستكشف كونها ملاك السقوط المذكور؟! وهذا ما يسمّى في كلمات العلماء بالاستقراء.
وإذا كان الأمر على هذه الشاكلة، فستكون النتائج مؤثّرةً في تطبيق هذا الحكم على بعضٍ آخر من الأفراد التي لم يرد دليلٌ على سقوطها بالإسقاط؛ إذ أ نّنا إذا فرضنا أنّ النكتة الثابتة بالاستقراء- كاستقراء الخيار وغيره- توجد في أرش العيب أيضاً، وفرضنا أنّ الاستقراء قطعيّ، فسوف يسري هذا الحكم أيضاً إلى الأرش، فيقال: إنّ الأرش أيضاً يسقط بالإسقاط.
لكن حيث لا بدّ أن يكون مثل هذا الاستقراء قطعيّاً، فلا يكتفى فيه بمجرّد الظنّ، فقد لا يحصل مثل هذا الاستقراء القطعي بملاحظة تمام الأدلّة، فضلًا عمّا إذا وجد ما يخرم النكتة في موردٍ أو موردين دلّت الأدلّة على عدم السقوط بالإسقاط فيهما، رغم وجود النكتة والملاك فيهما، فينخرم حينئذٍ الاستقراء، ويخرج عن كونه استقراءً قطعيّاً، ممّا يضع هذا الدليل في معرض السقوط والتلاشي.
ج- وثالثةً: نطرح غرض البحث بنحوٍ يكون مؤثّراً في عمليّة الاستنباط دون لحوق الضرر بالانخرام في موردٍ أو موردين، بمعنى أ نّه لو انخرم في مورد أو موردين أو أزيد، يكون هذا الانخرام تخصيصاً في النكتة، لا موجباً لانكشاف بطلانها في نفسها، وذلك بأن يقال- كما أشرنا في أوّل البحث-: إنّ التمييز بين التشريعات وكون بعضها قابلًا للإسقاط وبعضها الآخر غير قابل له ليس أمراً تأسيسيّاً من قبل الشارع، وإنّما هو شائع في سائر الشرائع والقوانين أو الأحكام العقلائيّة؛ فكلّ المجتمعات العقلائيّة تبني على هذه القسمة في تشريعاتها، أي جعل بعض التشريعات قابلةً للإسقاط دون بعضها الآخر.