ونحن نعرف بنحو القضيّة المجملة- قبل الدخول في البحث- أنّ الحقّ يتميّز عن الحكم والملك بكونه موضوعاً لجواز الإسقاط، بخلاف الحكم والملك، فإنّه لا يجوز إسقاطهما.
وهذا البحث عقد في كلمات الفقهاء لتحقيق موضوع هذا الفرق الثابت إجمالًا بين الحقّ والملك والحكم، وهذا التحديد الذي يراد من هذا البحث:
أ- تارةً: يراد بمعنى تحصيل معرّف وعنوان إجمالي في التشريعات التي تكون قابلةً للإسقاط في مقابل ما لا يكون قابلًا له من الأحكام. والمقصود من تحصيل هذا العنوان والمعرّف إلقاؤه إلى متعلّم فنّ الفقه؛ لكي يستطيع تطبيقه على موارده، فيعرّف بهذا العنوان الإجمالي: هو كلّ تشريع مرتبطٍ بالأموال قابل للإسقاط، وأمّا إذا كان مربوطاً بغيرها، فلا يكون قابلًا له.
ويراد من هذا الكلام العامّ تحصيل معرّف إجمالي للأدلّة التي تدلّ على سقوطه بالإسقاط؛ لكي يطبّقها على مواردها، بلا حاجة إلى تتبّع كلّ الموارد.
وهذا الغرض لا يحقّق أثراً بالنسبة إلى عمليّة الاستنباط، وإنّما هو غرض تنظيمي لمعطيات عمليّة الاستنباط نفسها، بحيث نعرف أنّ هذا التشريع سيسقط بالإسقاط، وذلك لا يسقط به، فننتزع عنواناً معرّفاً يعرّف هذه التشريعات التي ستسقط بالإسقاط، ونعطي هذا العنوان المعرّف بيد الآخر لأجل أن يصدّقه، فهو تنظيم لنتائج عمليّة الاستنباط، لا أنّ له دخلًا فيها.
ب- واخرى: يفرض أنّ الغرض من هذا البحث ليس فقط تنظيم معطيات عمليّة الاستنباط ونتائجها، بل يراد منه التأثير عليها نفسها؛ وذلك بأن نفرض أ نّنا نستوحي من الأدلّة نفسها التي دلّت على أنّ التشريع الفلاني سيسقط بالإسقاط النكتةَ المشتركةَ التي إذا اقترنت بالتشريع سقط بالإسقاط، فهل هناك نكتة مشتركة ما بين تمام هذه التشريعات التي دلّت الأدلّة التفصيليّة على أ نّها