المبدأ الأرسطي لتبرير الاستقراء
إذا قمنا باستقراء لنثبت تعميماً من التعميمات، فتارة: نريد أن نعمّم الظاهرة التي استهدفناها من استقرائنا لحالاتٍ تختلف في بعض الخصائص الملحوظة عن الحالات التي شملها الاستقراء. واخرى: نريد أن نعمّم تلك الظاهرة للحالات المماثلة للحالات التي امتدّ إليها الاستقراء والمشابهة لها في كلّ ما ندركه من المقوّمات التي يمكن أن تكون ذات أثر في تكوين تلك الظاهرة[1].
ويؤكّد المنطق الأرسطي أنّ التعميم الأوّل ليس صحيحاً من الناحية المنطقيّة؛ إذ ما دامت الحالات التي لم يشملها الاستقراء تختلف- في بعض الخصائص الملحوظة والمقوّمات- عن الحالات التي استقرأناها، فليس من حقّنا أن نستنتج استقرائيّاً أ نّها جميعاً تشترك في إيجاد ظاهرة واحدة؛ لأنّ من الممكن أن يكون اختلافها في الخصائص والمقوّمات، سبباً لاختلاف نوع علاقتها بتلك الظاهرة.
فإذا استقرأنا مثلًا كلّ أنواع الحيوان البرّي، فوجدنا أ نّها تحرّك عند المضغ فكّها الأسفل، لم يكن بإمكاننا أن نعمّم هذه الظاهرة (تحريك الفكّ الأسفل عند المضغ) على حيوان بحري، كالتمساح مثلًا؛ لأنّ التمساح يختلف عن الحيوانات
[1] وهذا يعني أنّ ميزان الفرق بين القسمين المذكورين للتعميم إنّما هي المماثلة وعدم المماثلة بلحاظ الخصائص والمقوّمات الملحوظة لا غير الملحوظة، فإذا أردنا التعميم إلى الحالات المماثلة في كلّ الخصائص الملحوظة كان من القسم الثاني، حتّى وإن كانت تختلف- حسب الواقع- في خصائص غير ملحوظة( لجنة التحقيق)