[كلمة المؤلّف:]
هذا الكتاب
يقسّم الاستدلال الذي يمارسه الفكر البشري عادةً إلى قسمين رئيسيّين:
أحدهما: الاستنباط، والآخر: الاستقراء. ولكلّ من الدليل الاستنباطي والدليل الاستقرائي منهجه الخاصّ وطريقه المتميّز.
ونريد بالاستنباط: كلّ استدلال لا تكبر نتيجته المقدّمات التي تكوّن منها ذلك الاستدلال. ففي كلّ دليل استنباطي تجيء النتيجة دائماً مساوية أو أصغر من مقدّماتها، فيقال مثلًا: محمّد إنسان، وكلّ إنسان يموت، فمحمّد يموت. ويقال أيضاً: الحيوان إمّا صامت وإمّا ناطق، والصامت يموت، والناطق يموت، فالحيوان يموت.
ففي قولنا الأوّل، استنتجنا أنّ محمّداً يموت بطريقة استنباطيّة، وهذه النتيجة أصغر من مقدّماتها؛ لأنّها تخصّ فرداً من الإنسان وهو محمّد، بينما المقدّمة القائلة: كلّ إنسان يموت تشمل الأفراد جميعاً. وبذلك يتّخذ التفكير في هذا الاستدلال طريقه من العامّ إلى الخاصّ، فهو يسير من الكلّي إلى الفرد، ومن المبدأ العامّ إلى التطبيقات الخاصّة.
ويطلق المنطق الأرسطي على الطريقة التي انتهجها الدليل الاستنباطي في هذا المثال اسم القياس، ويعتبر الطريقة القياسيّة هي الصورة النموذجيّة للدليل