التفسير الفسيولوجي للدليل الاستقرائي:

إذا كان (هيوم) قد حاول أن يفسّر الاستدلال الاستقرائي تفسيراً سيكولوجياً: على أساس العادة والترابط بين الفكرتين في الذهن، فقد كانت هذه المحاولة أساساً بعد ذلك لتفسير الاستدلال الاستقرائي تفسيراً فسيولوجياً، بوصفه: فعلًا منعكساً شرطيّاً، على يد المدرسة السلوكيّة الحديثة التي درست كلّ النشاطات الذهنيّة والنفسية للإنسان على أساس كونها: مجموعة من الحركات الجسدية والمادية القابلة للملاحظة والتجربة من الخارج. فقد اتّجهت السلوكية إلى تفسير الاستدلال الاستقرائي باعتباره نوعاً من الارتباط بين منبّه مشروط واستجابة معيّنة، بدلًا عن كونه ارتباطاً بين فكرتين في الذهن كما افترض هيوم.
وتنطلق السلوكيّة في تفسيرها هذا من قانون الأفعال المنعكسة الشرطيّة، وهو يعني: أ نّه إذا كان لحادث معيّن استجابة معيّنة، فهو منبّه طبيعي، وتلك الاستجابة استجابة طبيعية. فإذا اقترن هذا الحادث بشي‏ء آخر مراراً عديدة، فإنّ هذا الشى‏ء الآخر وحده يصبح كافياً لإثارة تلك الاستجابة التي لم يكن يثيرها في البداية إلّاالحادث الأوّل. وهذا القانون ينطبق على الإنسان وينطبق على الحيوان أيضاً، كما برهنت تجارب (بافلوف «1») على الكلب الذي كان يسيل لعابه لرؤية الطعام، فقرن بافلوف رؤية الطعام بدقّ الجرس، فاكتسب دقّ الجرس‏