الشروط. ومن الواضح أ نّه لا يقصد بذلك أنّ أيّ ظاهرتين إذا وجدت إحداهما عقيب الاخرى مرّة واحدة فسوف يستمرّ هذا التتابع بينهما دائماً، إذ كثيراً ما تحدث ظاهرة عقيب ظاهرة اخرى صدفةً ولا يتكرّر وجودهما معاً بعد ذلك.
فلا بدّ أن يراد بقضيّة الاطراد أنّ أيّ ظاهرتين وجدت إحداهما عقيب الاخرى في عدد كبير من المرّات فسوف يطّرد وجود إحداهما عقيب الاخرى دائماً. وبذلك نصل إلى شي‏ء شبيه تماماً بالمبدأ الأرسطي القائل: بأنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر على خطّ طويل، غير أنّ المبدأ الأرسطي قضيّة عقليّة قبليّة في رأي الأرسطيّين، وقضيّة الاطّراد استقرائيّة في رأي المنطق التجريبي.

الطرق الأربعة في مواجهة المشكلة الثانية:

وقد قدّم لنا (ستيورت مل) في منطقه التجريبي طرقاً عديدة نصح باستعمالها للتأكّد من وجود السببيّة بين الظاهرتين اللتين نحاول اكتشاف نوع العلاقة بينهما.
وهذه الطرق كلّها ترتبط بالمشكلة الثانية من مشاكل الاستقراء الثلاث، فهي في الواقع طرق لاستبعاد احتمال الصدفة النسبيّة، فنحن حينما نقوم بإيجاد الألف فيوجد الباء نواجه احتمال أن تكون هناك تاء مجهولة، وأن تكون هذه التاء هي سبب الباء بدلًا عن الألف (أي أن يكون ذلك الشي‏ء الذي تقترن به الباء باستمرار هو التاء لا الألف).
ففي هذه الحالة يمكن للطرق التي اقترحها (ستيورت مل) أن تقوم بدور كبير في التقليل من درجة هذا الاحتمال، ولكنّها على أيّ حال لا تفسّر إمكانيّة القضاء على هذا الاحتمال نهائيّاً. وسوف نستعرض فيما يلي هذه الطرق لكي نحدّد دورها في الدليل الاستقرائي: