اكتساب هذه السببية قيمة احتمالية كبيرة، كما رأينا في دراسة المرحلة الاستنباطية من الاستقراء. وفي هذه الحالة يمكن تطبيق المصادرة المفترضة للمرحلة الثانية من الدليل الاستقرائي: فنفترض أنّ هذا التجمّع يسبّب اليقين بالسببيّة وإفناء القيمة الاحتمالية الصغيرة المضادّة لسببيّة (أ) ل (ب)، ولا يؤدّي هذا الافتراض إلى أيّ تناقض؛ لأنّ التجمّع المسبّب لذلك يمثّل الجزء الأكبر من قيمة (العلم 2)، والقيمة الاحتمالية التي تسبّب هذا التجمّع في إفنائها ليست من القيم الاحتمالية المتساوية التي يضمّها (العلم 2)، بل هي قيمة احتمالية تنتمي إلى (العلم 1)، فلا نواجه مشكلة إفناء العلم لنفسه، أو إفناء العلم لبعض قيمه الاحتمالية المتساوية دون بعض بدون مبرّر.
وهكذا يتحقّق الشكل الأوّل لتطبيق المصادرة: كلّما تجمّع عدد كبير من القيم الاحتمالية للعلم في محور خارج نطاق ذلك العلم، وتسبّب لإفناء قيمة احتمالية، لا تنتسب إلى نفس العلم الذي تنتسب إليه القيم المتجمّعة نفسها.
شرط استخدام الشكل الأوّل:
ويجب أن يتوفّر شرطان أساسيان، لكي يتاح استخدام الشكل الأوّل لتطبيق المصادرة:
الأوّل: أن لا تكون القضية التي يراد إفناء قيمتها الاحتمالية عن طريق تجمّع القيم الاحتمالية في محور واحد، ملازمةً لأحد أطراف (العلم الإجمالي 2) الذي تنتمي القيم المتجمّعه الاحتمالية إليه. ففي مثال السببيّة، إذا كان نفي سببيّة (أ) ل (ب) ملازماً لحالة وجود التاء في كلّ التجارب الناجحة، وكنّا نعلم بأنّ التاء إذا كانت موجودة في كلّ المرّات ف (أ) ليس سبباً ل (ب) حتماً، فهذا يجعل الشكل الأوّل لتطبيق المصادرة متعذّراً؛ لأنّ نفي سببيّة (أ) ل (ب) في هذه الحالة