الجسيم البسيط، ولا أن تفسّر اختلافاتها على أساس قانون عامّ يتيح للعالم أن يتنبّأ دائماً بالوضع المستقبل، على ضوء ما يعرفه من ظروف وأحوال، وهذا لا يكفي وحده للبرهنة على نفي مبدأ السببيّة، بل إنّه يؤدّي- في حالة عدم وجود مبرّرات عقلية قبلية للإيمان بهذا المبدأ- إلى الشكّ في وجود السبب، والشكّ معناه احتمال مبدأ السببيّة، وهذا هو كلّ ما نريده كمصادرة للدليل الاستقرائي.
وحتّى إذا افترضنا أنّ العلم استطاع أن يتأكّد من عدم وجود أسباب محدّدة تقوم على أساسها ظواهر العالم الذرّي وتصرّفات الجسيم البسيط، فهذا لا يمنع من احتمال مبدأ السببيّة بالنسبة إلى عالم المركّبات وما يضمّ من ظواهر، وبالتالي نحتفظ بالمصادرة التي يحتاجها الدليل الاستقرائي بالنسبة إلى هذا العالم.
4- التبرير العملي:
بقيت حجّة واحدة تساق عادة لتبرير الانتقال من فكرة السببيّة، بمفهومها العقلي الذي يستبطن الضرورة والحتمية، إلى فكرة القانون السببي الذي يتحدّث عن مجرّد التتابع بين ظاهرتين.
ويقول (رسل) في توضيح هذه الحجّة: إنّنا إذا افترضنا الحصول على تعميم يقول بأنّ (أ) هي سبب (ب)، مثلًا جوزات البلّوط تسبّب أشجار البلّوط، وكانت هناك فترة محدّدة بين (أ) و (ب)، فقد يحدث شيء خلال هذه الفترة لمنع (ب)، فقد تأكل الخنازير جوزات البلّوط مثلًا. ولا نستطيع أن نأخذ بنظر الاعتبار ما في العالم من تعقيدات لامتناهية، ولذلك يصبح التعميم السببي الذي حصلنا عليه كما يلي: «إنّ (أ) ستسبّب (ب) إذا لم يحصل شيء يمنع (ب)». وبعبارة اخرى: «إنّ (أ) ستسبّب (ب) إلّاإذا لم تسبّبها». ولا يوجد أيّ معنى مفيد في