المقياس الذي نرجع إليه في تقييم اعتقاداتنا، والتمييز بين ما هو جدير منها بثقتنا عن غيره.
ونحن الآن بصدد الموقف الأوّل؛ لأنّنا نريد اكتشاف الفرق الأساس بين التصوّر والاعتقاد. وفي حدود ما يتّصل بهذه النقطة لا بدّ من تفسير المميّز الأساس للاعتقاد تفسيراً ينطبق على كلّ اعتقاد بقطع النظر عن تقييمه وصوابه وخطئه، فاعتقاد ذلك الشخص بجنيّة تتعقّبه لا يختلف عن أيّ اعتقادٍ علميّ في الخصائص التي تميّز الاعتقاد عن التصوّر، رغم أ نّه لم يستمدّ حيويّته من أيّ انطباع.
وهكذا يجب أن نميّز بين موقفنا كمفسّرين للاعتقاد على أساس ما تستمدّه الفكرة من حيويّة الانطباع، وموقفنا كمقيّمين للاعتقاد حين نقرّر- مثلًا- أ نّه لا يجوز لإنسان أن يدّعي وجود كائن فعلي دون استناد إلى الخبرة الحسّية، فالاعتقاد بوجود الجنيّة وإن كان اعتقاداً لا مبرّر له على أساس المقياس المعطى في الموقف الثاني، ولكنّه اعتقاد على أيّ حال، ولكي ينجح التفسير المعطى للاعتقاد في الموقف الأوّل لا بدّ أن يكون منطبقاً عليه.
إنّ كثيراً من الاعتقادات لا يرتبط بأيّ انطباع بالشكل الذي تصوّره هيوم، وهذا يعني أنّ الفكرة ليست بحاجة- لكي تكون اعتقاداً- أن تكون نسخة لأحد الانطباعات، أو مرتبطة- بعلاقة العليّة- مع نسخة منه، لكي تستمدّ منه حيويّته وقوّته.
2- علاقة العليّة والعقل:
يؤكّد (دافيد هيوم) على أنّ علاقة العليّة لا تنشأ عن التفكير العقلي الخالص، ولا يمكن استنباط مبدأ العليّة من مبدأ عدم التناقض، إذ لا تناقض في