يعد موجوداً، وهذا علم بنفي محدّد، وقد لا نعلم بذلك، ولكنّا نعلم بأنّ أحد كتب التأريخ قد فقد من مكتبتنا، وهذا علم بنفي غير محدّد؛ لأنّنا لا نستطيع بموجب هذا العلم أن نحدّد نوع الكتاب الذي فقدناه، هل هو تأريخ الطبري أو تأريخ الكامل؟
ونطلق على العلم بنفي غير محدّد، وعلى أيّ علم بشي‏ء غير محدّد بالضبط اسم العلم الإجمالي. ونطلق على العلم بالنفي المحدّد، وعلى أيّ علم بشي‏ء محدّد بالضبط اسم العلم التفصيلي.
وعلى هذا الأساس يمكن أن نعتبر المبدأ الأرسطي تعبيراً عن علم إجمالي بالنفي.

كيف ينشأ العلم الإجمالي؟

ويمكننا بسهولة أن نفسّر نشوء العلم بنفي محدّد (العلم التفصيلي)، فأنت حين تقول: هذه الورقة ليست سوداء، أو إنّ تأريخ الطبري ليس موجوداً في مكتبتي يمكنك أن تستند في ذلك إلى رؤيتك للورقة، وإدراكك بأ نّها ليست سوداء، وإلى رؤيتك لمكتبتك، وافتقادك لتأريخ الطبري من بين كتبك.
وأمّا العلم بنفي غير محدّد (العلم الإجمالي) فإنّه حين تتحدّث عن ورقة تجهل لونها بالضبط غير أ نّك تعلم على أيّ حال أ نّها ليست سوداء وبيضاء في وقت واحد، فتقول: إنّ أحد اللونين على الأقلّ- السواد أو البياض- غير موجود في الورقة، لا تستند في تأكيدك لهذا النفي غير المحدّد إلى رؤيتك للورقة وإحساسك بلونها؛ لأنّك لو كنت قد رأيت الورقة لاستطعت أن تحدّد لونها بالضبط، وإنّما تؤكّد ذلك النفي غير المحدّد قبل رؤية الورقة نتيجة للعلم المسبق بأنّ السواد والبياض لا يجتمعان في شي‏ء واحد.