الاتجاه الثاني ونزعته الترجيحيّة

يؤمن الاتجاه الثاني في المذهب التجريبي بأنّ التعميم الاستقرائي يحتاج إلى افتراض قضايا ومصادرات يجب إثباتها بصورة منفصلة عن الاستقراء، ويؤمن في الوقت نفسه بأنّ إثبات تلك المصادرات غير ممكن لا بالطريقة التي حاولها المذهب العقلي- حيث اعتقد بأ نّها قضايا عقليّة قبليّة- ولا بالطريقة التي حاولها الاتجاه السابق للمذهب التجريبي حيث اعتقد بأ نّها بدورها نتائج لاستقراءات سابقة. وما دام إثبات تلك المصادرات غير ممكن، فلا يتاح لأيّ استدلال استقرائي أن يؤدّي إلى اليقين بالقضيّة الاستقرائيّة، وإنّما يقتصر دوره على تنمية احتمالها، فكلّ تجربة في سياق الاستقراء تساهم في تنمية قيمة احتمال القضيّة الاستقرائيّة، ولهذا يتناسب احتمالها طرداً مع عدد ما يشتمل عليه الاستقراء من تجارب وشواهد.

وأظنّ أنّ من المفيد أن أقتطع هنا فقرات من كلام للدكتور زكي نجيب محمود[1] يوضّح فيه موقفه من مشكلة الاستقراء، وهو موقف يمثّل هذا الاتجاه‏

 

[1] مفكّر مصريّ عاش:( 1905- 1993 م). نال درجة الدكتوراه في الفلسفة في موضوع-