الذي عرضناه:
قال الدكتور زكي: «إنّ معظم من تناول الاستقراء بالبحث- ومن هؤلاء (رسل) نفسه- لا يجدون مناصاً من الاعتراف بوجود مبدأ عقلي لم نستمدّه من الخبرة الحسيّة، هو الذي يكون سندنا في تعميم الأحكام العلميّة، فمهما بلغت من إخلاصك للمذهب التجريبي- في نظر هؤلاء- فلا مندوحة لك في النهاية عن أن تعترف بشيء لم يأتك عن طريق التجربة، وهو المبدأ القائل بأنّ ما يصدق على بعض أفراد النوع الواحد يصدق كذلك على بقيّة أفراده، وبذلك يمكن التعميم … من أجل ذلك يرى (رسل) أ نّنا في النهاية مضطرّون في الاستقراء إلى الرجوع إلى أساس غير تجريبي وهو ما يسمّيه بمبدأ الاستقراء، (إنّ اولئك الذين يتمسّكون بالاستقراء ويلتزمون حدوده، يريدون أن يؤكّدوا بأنّ المنطق كلّه تجريبي، ولذا فلا ينتظر منهم أن يتبيّنوا بأنّ الاستقراء نفسه- حبيبهم العزيز- يستلزم مبدءاً منطقيّاً لا يمكن البرهنة عليه هو نفسه على أساس استقرائي، إذ لا بدّ أن يكون مبدءاً قبليّاً)[1]. فالرأي عند كثيرين ومنهم (رسل) كما بيّنا، هو أنّ التجربة الحسيّة وحدها لا تكفي، (ولا بدّ لنا إمّا أن نقبل مبدأ الاستقراء على
______________________________
-« الجبر الذاتي» من جامعة لندن. كان من أنصار الوضعيّة المنطقيّة ودعا لها في كتابه المعروف« المنطق الوضعي» سنة( 1951 م). وكان معجَباً جدّاً بشخصيّة المؤلّف( الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر رحمه الله) حتّى قال فيه بعد شهادته:« إنّ إعدام مفكّرٍ ساهم في تنمية العقل العربي والإسلامي تثير لدينا مشاعر التقزّز والاشمئزاز، فالدول المتقدّمة تكرم أفذاذها، أمّا العراق فيُعدم مفكّريه».( كيهان العربي، العدد 691/ 12- كانون الثاني 1986- نقلًا عن جريدة الأهرام)( لجنة التحقيق)
[1] ما بين القوسين منقول- في عبارة زكي نجيب محمود- عن كتاب برتراند رسل« معرفتنا بالعالم الخارجي»( باللغة الإنجليزية): 226