الصدفة المحدّدة في الواقع.
وفيما يلي سوف نقوم بعدد من المحاولات لتوضيح موقفنا من المبدأ الأرسطي، والكشف عن عدم كونه مبدأ عقليّاً قبليّاً، وبالتالي عن عدم كونه الأساس المنطقي للاستدلالات الاستقرائيّة كما يزعم المنطق الأرسطي.
والاعتراضات التي سوف نوجّهها إلى المبدأ الأرسطي تختلف في مدلولاتها ونتائجها، فبعضها يبرهن على نفي العلم الإجمالي الذي يعبّر عنه هذا المبدأ، وعدم وجود كلا الأساسين اللذين يتكوّن على أساسهما العلم الإجمالي (أساس التضادّ والتمانع، وأساس الاشتباه) وبعضها يبرهن على نفي الأساس الأوّل لتكوين العلم الإجمالي وعدم وجود أيّ تمانع وتضادّ بين الصدف النسبيّة المتماثلة، وبعضها يبرهن على نفي الأساس الثاني لتكوين العلم الإجمالي وعدم وجود أيّ اشتباه يبرّر نشوء علم إجمالي بنفي غير محدّد.
الاعتراض الأوّل [على أساس التمانع]
: حينما لا يكون بين الألف والباء رابطة سببيّة، ونوجد (أ) في عشر تجارب متتالية فسوف يؤكّد لنا المبدأ الأرسطي السالف الذكر أنّ (ب) غير مقترن مع (أ) في مرّة واحدة على الأقلّ خلال تلك التجارب، إذا أخذنا تسعة مثلًا هي الحدّ الأعلى لإمكان تكرّر الصدفة النسبيّة خلال التجربة.
ونحن نريد في هذا الاعتراض أن نثبت أنّ هذا العلم الإجمالي بنفي صدفة نسبيّة واحدة على الأقلّ لا يمكن أن يفسّر على أساس إدراكنا للتمانع والتضادّ بين الصدف النسبيّة، أي بين الاقترانات المتماثلة التي لا تقوم على أساس رابطة السببيّة، فأيّ عدد نفرضه من هذه الاقترانات التي تمثّل صدفاً نسبيّة في مشاهداتنا وتجاربنا، لا نجد أيّ تمانع وتضادّ يحول دون اجتماعها ووجودها