التي استقرأناها في الخصائص والمقوّمات، فبالإمكان أن يختلف عنها في هذه الظاهرة أيضاً.

قال الغزالي‏[1]: «ولا يكفي في تمام الاستقراء أن تتصفّح ما وجدته شاهداً على الحكم إذا أمكن أن ينتقل عنه شي‏ء، كما لو حكم إنسان بأنّ كلّ حيوان يحرّك عند المضغ فكّه الأسفل؛ لأنّه استقرأ أصناف الحيوانات الكثيرة ولكنّه لمّا لم يشاهد جميع الحيوانات، لم يأمن أن يكون في البحر حيوان هو التمساح يحرّك عند المضغ فكّه الأعلى- على ما قيل-. وإذا حكم بأنّ كلّ حيوان سوى الإنسان فنزواته على الانثى من وراء بلا تقابل الوجهين لم يأمن أن يكون سفاد القنفذ- وهو من الحيوانات- على المقابلة، لكنّه لم يشاهده. فإذن حصل من هذا أنّ الاستقراء التامّ يفيد العلم، والناقص يفيد الظنّ»[2].

وقال ابن سينا: «وأمّا الاستقراء فهو الحكم على كلّي بما وجد في جزئيّاته الكثيرة. مثل حكمنا بأنّ كلّ حيوان يحرّك عند المضغ فكّه الأسفل، استقراءً للناس والدواب والطير. والاستقراء غير موجب للعلم الصحيح، فإنّه ربما كان ما لم يُستقرأ بخلاف ما استُقرئ، مثل التمساح في مثالنا، بل ربما كان المختلف فيه والمطلوب بخلاف حكم جميع ما سواه»[3].

وأمّا استخدام الاستقراء للتعميم إلى الحالات المماثلة والمشابهة في كل‏

 

[1] أبو حامد محمّد الغزالي( 450- 505 ه) فيلسوف متكلّم من أهل طوس بخراسان درس علم الكلام على« الجويني». كتب« تهافت الفلاسفة» نقداً للعلوم الفلسفيّة، وله أيضاً:« إحياء علوم الدين» و« مقاصد الفلاسفة» وغير ذلك( لجنة التحقيق)

[2] معيار العلم للغزالي: 163

[3] منطق الإشارات لابن سينا: 231