منطقيّاً.

4- إنّ الاستقراء الكامل واجه في بعض الدراسات الحديثة اعتراضاً لا يستهدف المناقشة في كونه برهاناً بالمعنى الأرسطي فحسب، كما تقدّم في النقطة الثانية، بل ينكر هذا الاعتراض على الاستقراء الكامل أن يكون دليلًا بأيّ شكل من الأشكال؛ لأنّ ما يحاول المستقرئ الاستدلال عليه بالاستقراء معروف لديه قبل ذلك من خلال نفس عمليّة الاستقراء.

ويوضّح هذا الاعتراض النصّ التالي: «افرض أنّ النتيجة التي أصل إليها بالعمليّة الاستقرائيّة هي: كلّ مادّة تتعرّض للجاذبيّة، ثمّ افرض أ نّني لم أستبح لنفسي أن أحكم هذا الحكم في النتيجة إلّابعد أن استقصيت ذلك في كلّ أجزاء المادّة- ولنرمز لعينات المادّة التي بحثناها ووجدنا أ نّها معرّضة للجاذبيّة بالرمز:

س 1 س 2 س 3 … س‏ق- فسيكون استدلالي على النحو الآتي:

س 1 س 2 س 3 … س‏ق معرّضة للجاذبيّة.

س 1 س 2 س 3 … س‏ق هي كلّ أجزاء المادّة.

/ كلّ المادّة معرّضة للجاذبيّة.

فإذا صادفني حجر مثلًا عرفت أ نّه معرّض للجاذبيّة، لا لأنّي أستدلّ حكماً جديداً، بل لأنّ الحجر قد سبق ذكره في المقدّمات، وإلّا لما كان استقصاء الأمثلة في المقدّمات كاملًا. إنّما يكون الاستدلال: حين يصادفني شي‏ء لم أكن قد بحثته بذاته ضمن الأمثلة التي أدّت بي إلى النتيجة، فأستدلّ أنّ الحكم الذي في النتيجة لا بدّ منطبق عليه هو أيضاً بالرغم من أ نّي لم أكن قد بحثته»[1].

وهذا الاعتراض يمكن الجواب عليه من وجهة نظر المنطق الأرسطي؛ لأن‏

 

[1] المنطق الوضعي للدكتور زكي نجيب محمود: 403