البصري. فالاعتقاد باستقامة العصا هو نفسه ليس إلّافكرة قد حظت بدرجة من الحيويّة والقوّة نتيجة ارتباطها بانطباع من الانطباعات الحسيّة.
وهذا القول لا علاقة له بالحجّة التي قدّمناها؛ لأنّه لا يؤثّر في الموقف شيئاً، سوى أ نّه يبرز إلى جانب فكرة انكسار العصا المرتبطة بالانطباع البصري فكرة اخرى عن استقامة العصا مرتبطة بالانطباع اللمسي، وكلتا الفكرتين تتمتّعان بالحيويّة والقوّة نتيجة ارتباطهما بالانطباع. فلو كانت كلّ فكرة تصبح اعتقاداً بمجرّد اكتسابها لتلك الحيويّة والقوّة، لكانت كلّ من فكرتي الانكسار والاستقامة اعتقاداً. ولمّا كانت إحدى الفكرتين فقط هي التي تمثّل اعتقادنا الفعلي في تلك الحالة، دون الفكرة الاخرى، نستطيع أن نعرف من ذلك أنّ الفكرة لكي تكون اعتقاداً، لا يكفي أن تحصل على الحيويّة والقوّة من الانطباع الحسّي، بل لا بدّ من عنصر آخر- غير الحيويّة والقوّة- يجعل الفكرة اعتقاداً.
وحيث أ نّا عرفنا سابقاً أنّ العنصر الذي يميّز الاعتقاد عن التصوّر لا يدخل في محتوى الفكرة، وإنّما يتّصل بطريقة ارتسامها في الذهن، فلا بدّ إذن من التسليم بأنّ العنصر الذي يرتفع بالفكرة من مستوى التصوّر إلى مستوى الاعتقاد نوع من الفعّاليّة الذهنيّة التي تسبغ على التصوّر طابع الاعتقاد، وهذه الفعاليّة هي حكم معيّن من النفس بثبوت القضيّة التي تعلّق بها التصوّر، فأيّ قضيّة نفكّر فيها من قبيل: «الشمس طالعة»، «فتح المسلمون الأندلس» إذا كنّا نتصوّرها فحسب فليست اعتقاداً، وإذا تصوّرناها وحكمت النفس بثبوتها أصبحت اعتقاداً.
ثانياً: إنّ (هيوم) حين فسّر الاعتقاد على أساس ما تزخر به الفكرة من حيويّة، افترض أنّ هذه الحيويّة تستمدّها الفكرة من الانطباع مباشرة إذا كانت نسخة له، أو بصورة غير مباشرة إذا كانت مرتبطة- بعلاقة العلّة والمعلول- بفكرة