الوجود ليس عنصراً من عناصر فكرتنا عن الأشياء، أي أ نّا لا نملك فكرة للوجود؛ لأنّ ذلك يتطلّب أن نملك مسبقاً انطباعاً عن الوجود. ففكرتنا عن الشمس هي نفسها فكرتنا عن الشمس الموجودة، فلا إضافة الوجود تزيد من تصوّرنا للشيء، ولا حذفه ينقص من هذا التصوّر شيئاً.
ونحن نميل إلى القول بأنّ بعض الأفكار ليست نسخاً لانطباعات مباشرة، وإنّما هي مفاهيم انتزاعيّة عن أفكار اخرى، هي بدورها نسخ لانطباعات مباشرة، ومن تلك الأفكار فكرتنا عن الوجود. وسوف أترك الدخول في هذه النقطة وتوضيحها، لعدم صلتها بالهدف الأساس من بحوث هذا الكتاب.
وأمّا الأمر الثاني فنلاحظ عليه:
أوّلًا: أنّ هناك أفكاراً تتمتّع بنفس الدرجة التي يحظى بها الاعتقاد- عادةً- من الحيويّة والنشاط والقوّة، ورغم ذك لا تندرج في اعتقاداتنا. فمن هذا القبيل: الأفكار التي توجد في حالات الإحساس الكاذب: فإذا رأينا العصا في الماء فسوف نبصرها منكسرة، وهذا الانطباع البصري تواكبه فكرة عن انكسار العصا، وهذه الفكرة هي نسخة من ذلك الانطباع. وفي هذه الحالة نلاحظ بوضوح أنّ الانطباع البصري للعصا المنكسرة لا يختلف في حيويّته وقوّته عن أيّ انطباع حسّي آخر، وأنّ الفكرة التي تواكب هذا الانطباع تستمدّ من حيويّته وقوّته، كما تستمدّ كلّ فكرة من الانطباع الذي أنشأها. ورغم ذلك فإنّ هذه الفكرة ليست اعتقاداً، بل نحن نعتقد على العكس بأنّ العصا ليست مكسورة بل مستقيمة.
وقد تقول: إنّ اعتقادنا باستقامة العصا، واكتشافنا لخطأ الصورة التي بدت لنا من خلال إدراكنا البصري لم يكن في الحقيقة إلّافكرة قد ارتبطت بانطباع آخر، كالانطباع اللمسي مثلًا؛ لأنّنا بلمس العصا نستطيع أن نكتشف خداع الحس