القاطنة في المناطق الجبليّة عوامل السواد دون عوامل البياض، ما دمنا نعلم أنّ نفس سكنى المنطقة الجبليّة ليس من عوامل السواد.
ونلاحظ في هذا الضوء أنّ فرضيّة التضادّ بصورتها الأخيرة، إنّما تصلح أساساً لتفسير الاستدلال الاستقرائي إذا توفّر:
أوّلًا: اقتران مستوعب، بمعنى أن يكون لدينا إضافة إلى (أ) و (ب) شي‏ء ثالث وهو (ح)، وتكون الأفراد المستقرأة من (أ) هي كلّ الأفراد التي تنتمي إلى (ح) بينما ليست هي كلّ الأفراد التي تنتمي إلى (أ).
وثانياً: علم مسبق بأنّ (ح) ليس له أثر في تكوين (ب).
ففي حالة توفّر هذين الشرطين نجد أمامنا أحد أمرين: فإمّا أن يكون (أ) سبباً ل (ب) فلا صدفة في اقتران (ح) ب (ب) باستمرار. وإمّا أن لا يكون (أ) سبباً ل (ب) فيكون اقتران (ح) ب (ب) اقتراناً مستوعباً لكلّ أفراد (ح) على أساس الصدفة، وفرضيّة التضادّ بصورتها التي افترضناها تنفي هذه الصدفة المستوعبة، فنستخلص من ذلك أنّ (أ) سبب ل (ب).
وإذا لم يتوفّر الشرط الأوّل، كما إذا لم نستوعب في فحصنا للغربان كلّ غربان المناطق الجبليّة، وإنّما التقطنا مجموعة مختلطة من الغربان دون تحديد، فوجدناها سوداء، فلا ضرورة إلى افتراض سببيّة شكل الغراب للسواد؛ لأنّ افتراض عدم سببيّة (أ) ل (ب) لا يعني قيام اقتران مستوعب على أساس الصدفة، وإنّما يعني تكرّر الاقتران الموضوعي بين شكل الغراب والسواد صدفة وتكرّر الاقتران الذاتي بين الاختيار العشوائي والسواد. ولا استحالة في تكرّر هذين الاقترانين كما عرفنا.
وإذا توفّر الشرط الأوّل، واستوعبنا في فحصنا للغربان كلّ غربان المناطق الجبليّة، فوجدناها سوداء، ولكن لم يتوفّر الشرط الثاني، فهذا يعني أ نّا نحتمل أن‏