وفرضيّة التضادّ بين الصدف النسبيّة بصورتها هذه وإن كانت تعطي تبريراً افتراضيّاً لبعض الاستقراءات، ولكنّها لا يمكن أن تفسّر كلّ الاستقراءات المقبولة التي نحتاج إلى تفسيرها.
فنحن قد نواجه ثلاث ظواهر: (أ) و (ب) و (ح)، ونتأكّد من اقتران كلّ أفراد (ح) ب (ب) التي هي في نفس الوقت أفراد ل (أ) وتظلّ أفراد اخرى ل (أ) لا نعلم عن اقترانها ب (ب) شيئاً، وفي هذه الحالة إذا افترضنا العلم مسبقاً بأنّ (ح) لا أثر له في إيجاد (ب) فسوف يكون بإمكان فرضيّة التضادّ بصورتها الأخيرة، أن تفسّر لنا الطريقة التي بها نثبت سببيّة (أ) ل (ب) ونصل إلى التعميم الاستقرائي القائل: كلّ (أ) تقترن ب (ب)؛ لأنّ (أ) لو لم تكن سبباً ل (ب) وكانت تقترن ب (ب) تارة وتقترن بعدمه اخرى حسب الظروف والملابسات، لكان معنى ذلك أنّ اقتران (ح) باستمرار ب (ب) مستحيل بحكم فرضيّة التضادّ؛ لأ نّه يعني في حالة عدم سببيّة (أ) ل (ب) صدفاً نسبيّة تمثّل اقتراناً موضوعيّاً مستوعباً.
فإذا كان (أ) هو شكل الغراب و (ح) هو سكناه في المناطق الجبليّة و (ب) هو السواد، وافترضنا أنّ الاستقراء شمل كلّ الغربان التي تسكن في المناطق الجبليّة، وكنّا نعلم مسبقاً بأنّ سكنى هذه المناطق لا أثر لها في السواد، فسوف نحصل على الشروط التي تتيح لفرضيّة التضادّ بصورتها الأخيرة، أن تبرّر التعميم الاستقرائي القائل: كلّ غراب أسود؛ لأنّ شكل الغراب إذا كان سبباً للسواد، فلا يوجد أيّ صدفة فيما لاحظناه من اقتران سكنى الغراب للمناطق الجبليّة مع السواد، ما دام كلّ غراب أسود. وأمّا إذا كان الغراب يتّصف بالسواد تارة وبالبياض اخرى حسب الظروف والملابسات، فسوف نحصل على اقتران مستوعب يقوم على أساس الصدفة؛ إذ يكون من الصدفة أن تتوفّر لجميع الغربان