وهكذا لا بدّ للمنطق الأرسطي أن يضع مبدأه في صيغة محدّدة، من قبيل أن يقول: أنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر خلال عمليّة الاستقراء في عشر تجارب باستمرار، أو في مائة تجربة، أو في ألف تجربة، أو في أيّ عدد آخر يحدّد، أكبر من ذلك أو أصغر.
فإذا افترضنا أ نّا حدّدنا ذلك العدد المعقول من التجارب بعشر مثلًا، فمعنى المبدأ الأرسطي على ضوء هذا التحديد: هو أ نّا إذا قمنا بتجربة على الماء، فخفضنا درجة حرارته إلى الصفر، فاقترن ذلك بالانجماد، لم نستطع أن نكتشف من وقوع هذا الاقتران مرّة واحدة وجود رابطة سببيّة بين الانخفاض والانجماد؛ لأنّ بالإمكان أن يكون الاقتران مجرّد صدفة نسبيّة، ويظلّ احتمال الصدفة النسبيّة قائماً إلى أن يتكرّر الاقتران بين الانخفاض والانجماد في تجاربنا عشر مرّات، فعندئذٍ نستطيع أن ننفي الصدفة في ضوء المبدأ الأرسطي، ونكتشف أنّ اقتران الانجماد بالانخفاض كان نتيجة لوجود رابطة سببيّة بينهما، ونجعل من هذه السببيّة- بعد ذلك- الجسر الذي ننتقل عن طريقه من الحالات الخاصّة إلى تعميم شامل.
ويمكننا على ضوء ما تقدّم أن نلخّص موقف المنطق الأرسطي من الاستقراء الناقص، وقدرته على التعميم في النقاط التالية:
أوّلًا: إنّ استنتاج التعميم من الحالات الخاصّة التي يقدّمها الاستقراء الناقص يتوقّف على اكتشاف رابطة السببيّة بين الظاهرتين اللتين اقترنتا خلال الاستقراء.
ثانياً: إنّ اكتشاف رابطة السببيّة بين الظاهرتين المقترنتين لا يمكن أن يقوم على أساس الأمثلة التي يقدّمها الاستقراء فحسب، مهما كان عددها.
ثالثاً: إنّ رابطة السببيّة تستنتج في حالات الاستقراء من المبدأ الذي ينفي