ويترتّب على ذلك أنّ المبدأ الأرسطي إذا كان ينفي فقط التكرار المستوعب لعمر الطبيعة، فلا يصلح أن يكون أساساً منطقيّاً لتبرير الدليل الاستقرائي واستنتاج رابطة السببيّة من تكرار الاقتران بين ظاهرتين؛ لأنّنا سوف لن نستطيع أن نستبعد احتمال الصدفة النسبيّة ونكتشف السببيّة، إلّاإذا عاصرنا الطبيعة في الماضي والحاضر والمستقبل، وتأكّدنا من تكرّر الاقتران واستمراره في كلّ تلك الأزمنة، وهذا شي‏ء مستحيل من الناحية الواقعيّة. فيظلّ أيّ اقتران متكرّر بين ظاهرتين خلال عمليّة الاستقراء عاجزاً عن إثبات السببيّة بين الظاهرتين.
وإذا كان التكرار الذي ينفيه المبدأ الأرسطي هو التكرار في مجال محدّد، وبالقدر الذي يتيح أن يضع أساساً منطقيّاً لاكتشاف السببيّة في حالات الاستقراء، فهذا يعني أنّ المبدأ الأرسطي يستهدف إثبات أنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر باستمرار في عدد معقول من التجارب والمشاهدات التي يقوم بها الإنسان خلال عمليّة الاستقراء. فإذا قمنا بعدد معقول من التجارب لتخفيض درجة الحرارة في الماء إلى الصفر، واقترن ذلك في جميع تلك التجارب بالانجماد، استطعنا أن نستنتج على ضوء المبدأ الأرسطي أنّ انخفاض درجة الحرارة إلى الصفر هو السبب في الانجماد، وليس اقترانهما مجرّد صدفة؛ لأنّه لو كان صدفة لجاز أن يوجد مرّة أو مرّتين مثلًا، ولما تكرّر باستمرار في كلّ التجارب التي قمنا بها.
ويبقى على المبدأ الأرسطي بعد هذا أن يحدّد ذلك العدد المعقول من التجارب والمشاهدات الذي لا تتكرّر الصدفة النسبيّة فيه باستمرار؛ لأنّ عدد التجارب والمشاهدات يختلف من استقراء إلى آخر، ومن حالة إلى اخرى، فإذا حدّد العدد الذي لا تتكرّر الصدفة النسبيّة فيه دائماً، وجب على كلّ استقراء أن يصل بملاحظاته وتجاربه إلى ذلك العدد، لكي يستطيع أن ينفي الصدفة، ويبرهن على السببيّة بين الظاهرتين.