القائم بين مصادرات هندسة إقليدس‏[1] ونظريّاتها، نتيجة لاستبطان التفكيك بين هذه النظريّات وتلك المصادرات للتناقض.

واللزوم الواقعي: عبارة عن علاقة السببيّة القائمة بين شيئين، كالنار والحرارة، أو الحرارة والغليان، أو استعمال الأفيون والموت. وهذه السببيّة لا تستبطن أيّ لزوم منطقي بالمعنى المتقدّم؛ لأنّ افتراض أنّ النار ليست حارّة، أو أنّ الحرارة لا تؤدّي إلى الغليان لا يستبطن بذاته تناقضاً.

فهناك- مثلًا- فرق كبير بين افتراض أنّ المثلّث ليس له ثلاثة أضلاع، وافتراض أنّ الحرارة لا تؤدّي إلى غليان الماء، فإنّ الافتراض الأوّل يستبطن داخل بنائه الذهني تناقضاً منطقيّاً، بينما لا يوجد أيّ تناقض منطقي داخل الافتراض الثاني؛ لأنّه افتراض لا يناقض نفسه، وإنّما يناقض الواقع الموضوعي للحرارة، ولهذا كان اللزوم بين المثلّث والأضلاع الثلاثة منطقيّاً، وكان اللزوم بين الحرارة والغليان واقعيّاً فحسب لا منطقيّاً.

و (الصدفة) تعبير عن المفهوم المقابل للّزوم. فإذا قيل عن شي‏ء أ نّه (صدفة) كان معنى ذلك: عدم كونه لازماً لزوماً منطقيّاً، أو واقعيّاً.

والصدفة قسمان: صدفة مطلقة، وصدفة نسبيّة:

فالصدفة المطلقة: هي أن يوجد شي‏ء بدون سبب إطلاقاً، كغليان الماء إذا حصل دون أيّ سبب.

 

[1] جاء في ترجمته: إقليدس(Euclides ): عالم رياضي يوناني عاش( حوالي 300- 365 ق. م) أسّس مدرسةً في الإسكندريّة ودرّس الرياضيّات فيها، أشهر آثاره كتاب« الاصول» أو« الأركان» وهو يقع في ثلاثة عشر جزءاً، حشّد فيها عدداً من النظريّات الهندسيّة ونسّقها تنسيقاً منطقيّاً( لجنة التحقيق)