النقاط التالية:
1- إنّ الاستقراء الكامل لا يدخل ضمن نطاق الموضوع الرئيس لدراستنا في هذا الكتاب، كما لاحظنا قبل قليل؛ لأنّ الموضوع الذي نحاول درسه هو الدليل الاستقرائي الذي يسير من الخاصّ إلى العامّ، وليس الاستقراء الكامل دليلًا استقرائيّاً بهذا المعنى، بل هو لون من ألوان الاستنباط التي تجي‏ء النتيجة فيها مساوية للمقدّمات، ويكفي مبدأ عدم التناقض لتبرير استنتاج النتيجة منه بالشكل الذي يبرّر به الاستنتاج في كلّ حالات الدليل الاستنباطي.
2- من حقّنا أن نتساءل: ماذا يريد المنطق الأرسطي بالنتيجة التي يفترضها للاستقراء الكامل، ويعتبر استنتاجها منه استنتاجاً منطقيّاً يقوم على مبدأ عدم التناقض؟
ويمكن أن نتصوّر إجابتين على هذا السؤال من وجهة نظر المنطق الأرسطي:
الإجابة الاولى: أن يريد المنطق الأرسطي بالنتيجة التي يفترضها للاستقراء الكامل: قضية عامّة تؤكّد لوناً من التلازم أو السببيّة بين الجوع والإنسانيّة، عند استقراء كلّ أفراد الإنسان والتعرّف على أ نّهم يجوعون. فنحن حين نعرف خلال عمليّة الاستقراء أنّ هذا الإنسان يجوع وهذا الإنسان يجوع وذاك يجوع، نخرج من ذلك بنتيجة تؤكّد أنّ بين الإنسانية الموجودة في جميع اولئك الأفراد والجوع رابطة معيّنة.
الإجابة الثانية: أن يكتفي المنطق الأرسطي من الاستقراء الكامل بالخروج بنتيجة تؤكّد أنّ كلّ إنسان يجوع، دون أن تدّعي لنفسها القدرة على الكشف عن تلازم أو رابطة سببيّة بين الجوع والإنسانيّة بمفهومها العامّ.
فإن كان المنطق الأرسطي يتبنّى الإجابة الاولى، فهو على خطأ في اعتقاده‏