بعد ذلك أنّ (ت) كان موجوداً بصورة غير منظورة في الأمثلة السابقة؟ إنّ الوجود غير المنظور (ت) لا يمنع عن تكوين العادة الذهنيّة التي هي أساس العليّة والاستدلال الاستقرائي عند هيوم، فكيف يصبح اكتشافه المتأخّر معطّلًا لتلك العادة الذهنيّة؟!
4- إذا كان الاعتقاد تعبيراً عن الفكرة الحيّة التي تستمدّ حيويّتها من الانطباع، أو من فكرة حيّة اخرى، فما هو الاحتمال أو الشكّ في رأي (هيوم)- أي درجات التصديق الناقصة- حين نواجه قضايا نحتمل صدقها وكذبها بدرجة واحدة؟
قد يقول (هيوم): إنّ الاحتمال المتعادل يعني: أنّ كلًا من فكرتنا عن وجود الشي‏ء وفكرتنا عن عدمه ليست حيّة. فإذا شككنا- بدرجة متساوية- في أنّ المطر هل نزل بالأمس أو لا؟ فهذا يعني: أنّ فكرتنا عن نزول المطر، وفكرتنا عن عدم نزول المطر ليستا فكرتين حيّتين، وبالتالي لا اعتقاد لنا بإثباتٍ أو نفي. فالاحتمال المتعادل مردّه إلى فقدان تلك الحيويّة والقوّة في كلتا الفكرتين.
وإذا أمكن لهيوم أن يفسّر الاحتمال المتعادل بذلك، فكيف يفسّر الظنّ، أي الاحتمال بدرجة أكبر من الاحتمال المتعادل؟ فنحن قد نحتمل بدرجة كبيرة أنّ المطر قد نزل بالأمس. ولا يمكن لهيوم هنا أن يفسّر الاحتمال على أساس فقدان الحيويّة والقوّة؛ لأنّ هناك فارقاً كبيراً بين احتمال نزول المطر بالأمس، وبين احتمال عدم نزوله في حالات ترجيحنا لنزوله. وهذا الفارق بين الاحتمالين لا يمكن لهيوم أن يفسّره إلّاعلى أساس اختلافهما في درجة الحيويّة والقوّة. فالاحتمال هو فكرة تتمتّع بدرجة من الحيويّة، وقوّة الاحتمال (الظنّ)