المدارس الكبيرة في علم النفس الحديث- لكي تواصل اتجاه دافيد هيوم نحو التفسير السيكولوجي للدليل الاستقرائي بعد أن أدخلت تطويراً مهمّاً على هذا الاتجاه، إذ نقلته من الصعيد الفلسفي إلى الصعيد العلمي.
يوضّح (دافيد هيوم) مشكلة الدليل الاستقرائي التي يحاول علاجها كما يلي:
إنّ جميع الاستدلالات الخاصّة بامور الواقع مبتنية على علاقة العلّة والمعلول، وهذه العلاقة هي العلاقة الوحيدة التي يمكن أن تتعدّى الحواسّ وتنبئنا بموجودات وأشياء لا نراها ولا نشعر بها، فإذا سألت شخصاً عن السبب في اعتقاده بأمر من امور الواقع غائب عنه، فسوف يبادر إلى تبرير اعتقاده بذلك عن طريق علمه بواقعة اخرى، ترتبط بذلك الشيء بعلاقة العلّة والمعلول، فيقول مثلًا:
إنّي أعتقد بأنّ فلاناً مريض، لأنّي رأيت الطبيب يدخل إلى منزله، أو لأنّه كان بالأمس مزمعاً على تناول طعام مضرّ يؤدّي إلى ذلك المرض. وإذا رأينا شخصاً يقتحم النار محاولًا الانتحار، نجد من حقّنا أن نخبر بأ نّه سوف يحترق ويموت؛ لأنّ بين اقتحام النار والاحتراق علاقة العلّة والمعلول. وما دمنا قد شاهدنا العلّة، فمن الطبيعي أن نعرف المعلول.
ولكنّنا نتساءل مرّة اخرى: كيف عرفنا هذه العلاقة بين اقتحام النار والاحتراق؟ والجواب: أنّ مصدر هذه المعرفة هو التجربة التي جعلنا نلاحظ فيما سبق أنّ اقتحام النار يقترن دائماً بالاحتراق. ومرّة اخرى نتساءل: كيف
__________________________________________________
– على أساس الدراسة الموضوعيّة للسلوك، وتعتبر السلوك مجرّد استجابةٍ فيسيولوجيّة للمنبّهات البيئيّة الخارجيّة والعمليّات البيولوجيّة الباطنيّة … رائدها الأوّل جون واطسون (nostaW) عام 1913 م (لجنة التحقيق)