على كذبها.
وسوف ندرس في البحث المقبل الشروط المنطقيّة التي يجب أن تتوفّر لكي تكون المصادرة التي تفترض اليقين الموضوعي بالقضيّة الاستقرائيّة معقولة، وسوف نجد أنّ هذا اليقين في إطار تلك الشروط لا يوجد أيّ مبرّر منطقي عكسي يبرهن على أ نّه مستحيل، وعلى أنّ الاحتمال المقابل يجب أن يظلّ ثابتاً.
الثاني: قلنا: إنّا لا نستطيع أن نبرهن للمنطق التجريبي والتجريبيين على وجود العلم الاستقرائي، ولكنّ القسم المقبل من بحوث هذا الكتاب يتيح لنا أن نبرهن على أ نّا إذا انطلقنا في دراسة الدليل الاستقرائي من مفاهيم المنطق التجريبي، فسوف يؤدّي بنا ذلك لا إلى إنكار العلم بالقضيّة الاستقرائيّة فحسب، بل إلى إنكار أيّ درجة من درجات الترجيح للقضيّة الاستقرائيّة على أساس الاستقراء، وهذا ما لا يسمح المنطق التجريبي- عادةً- بقبوله.
فقد اعترف الدكتور زكي بأنّ القضيّة الاستقرائيّة تكتسب ترجيحاً متنامياً على أساس الاستقراء، أي أنّ قيمة احتمال القضيّة الاستقرائيّة تزداد كلّما شمل الاستقراء شواهد وأمثلة أكثر. وقد فسّر الدكتور زكي في الفصل الأخير من كتابه (المنطق الوضعي) هذا الازدياد على أساس حساب الاحتمال، وسوف نبرهن في البحث المقبل على أنّ حساب الاحتمال لا يمكن أن يؤدّي إلى ازدياد قيمة احتمال القضيّة الاستقرائيّة واقترابه من اليقين، إلّاإذا أدّى في نفس الوقت وبنفس الدرجة إلى ترجيح فرضيّة السببيّة بمفهومها العقلي، أي إنّ المفهوم العقلي للسببيّة الذي يستبطن الضرورة شرط أساسي لنموّ الاحتمال بالقضيّة الاستقرائيّة، والمنطق التجريبي يرفض الاعتراف بالمفهوم العقلي للسببيّة، ويتعامل مع الطبيعة على أساس المفهوم التجريبي للسببيّة. وأيّ تعامل على أساس المفهوم التجريبي‏