لا تصلح أن تكون إحدى تلك المصادرات الثلاث التي يفتّش عنها المنطق الأرسطي لدعم الدليل الاستقرائي.
وفي رأيي أنّ المنطق الأرسطي لم يخطئ فقط في الاعتقاد بطابع عقلي قبلي لقضيّة ليست من القضايا العقليّة القبليّة، بل أخطأ أيضاً في الاعتقاد بحاجة الدليل الاستقرائي إلى مصادرات قبليّة أيضاً.
ويكفي هنا أن نسجّل رأينا هذا دون أن ندخل في تفاصيله، تاركين ذلك إلى القسم الثالث من هذا الكتاب، حيث نستعرض- بشمول وعمق- النظريّة التي يتبنّاها هذا الكتاب في تفسير الدليل الاستقرائي، والتي تؤكّد أنّ الاستقراء يؤدّي إلى التعميم بدون حاجة إلى أيّ مصادرات قبليّة. وسوف يبدو بوضوح في ضوء تلك النظريّة، أنّ المصادرات الثلاث التي آمن بها المنطق الأرسطي وربط مصير الدليل الاستقرائي بها، يمكن إثباتها جميعاً بالاستقراء نفسه، كما نثبت أيّ تعميم من التعميمات الاخرى عن طريق الدليل الاستقرائي.