ممّا يلي:
أوّلًا: إنّ كلّ علم عقلي بشيء (ونريد بالعلم العقلي العلم الذي نحصل عليه بصورة مسبقة على الاستقراء والتجربة) يؤدّي حتماً إلى العلم بما يلازم ذلك الشيء إذا كان العالم معتقداً بالملازمة بين الشيئين.
ثانياً: إنّ القضيّة القائلة ب (أنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر في عشر تجارب متتابعة) إذا كانت صادقةً صدقت القضيّة الشرطيّة القائلة: لو وجدت الصدفة النسبيّة في تسع تجارب فسوف لن توجد في التجربة العاشرة حتماً. وهذا يعني التلازم بين هاتين القضيّتين.
ثالثاً: إنّا رغم ميلنا إلى الاعتقاد بأنّ تناول اللبن سوف لن يقترن صدفةً بارتفاع الصداع في عشر تجارب متتابعة، لا نميل إلى الاعتقاد بالقضيّة الشرطيّة التي تقول: لو اتّفق في تسع تجارب أن يقترن ارتفاع الصداع بتناول اللبن صدفةً فسوف لن يتكرّر هذا الاقتران في التجربة العاشرة.
وعلى ضوء هذه الامور الثلاثة نستطيع أن نعرف أنّ الاعتقاد بأنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر عشر مرّات متتابعة ليس علماً عقليّاً، إذ لو كان علماً عقليّاً لأدّى إلى الاعتقاد- بنفس الدرجة- بالقضيّة الشرطيّة الملازمة. وهذا يعني أ نّا نواجه علماً من نوع جديد وغريب على الذهنيّة المنطقيّة التقليديّة، إذ نتعامل مع قضيّتين متلازمتين بطريقتين مختلفتين، فنعتقد بإحداهما ونشكّ في الاخرى.
وهذا العلم الغريب في أطواره بحاجة إلى تفسير لا يربطه بالعلوم العقليّة القبليّة، وإلى ذهنيّة منطقيّة تتناسب مع أطواره الخاصّة به التي يتميّز بها عن العلوم التي يعالجها المنطق الأرسطي. وهذا ما سوف نعرفه في ضوء نظريّة الاحتمال.