المفيد للعلم فسوف يزول علمنا بالسببيّة نتيجةً لاكتشافنا أنّ واحداً من العشرة كان قد تناول قرص الأسبرين قبيل التجربة.
وهكذا نجد أنّ أيّ حالة من حالات نجاح التجربة في عمليّة الاستقراء تفقد أثرها إذا عرفنا بعد ذلك أ نّه كان إلى جانب (أ) و (ب) شي‏ء ثالث لم نلاحظه حين إجراء التجربة نرمز إليه ب (ت) وهو كافٍ لإيجاد (ب) على أيّ حال.
والمنطق الأرسطي لا يمكنه أن يفسّر هذا الواقع على ضوء طريقته في تبرير الدليل الاستقرائي التي تفترض علماً إجماليّاً قبليّاً (أي قبل الاستقراء والتجربة) وأوّليّاً بأنّ الصدفة لا تتكرّر خلال الاستقراء على خطّ طويل؛ لأنّ هذا العلم القبلي الأوّلي الذي يفترضه المنطق الأرسطي لو كان هو الأساس للاستدلال الاستقرائي واكتشاف سببيّة (أ) ل (ب) لَما تزعزع علمنا بالسببيّة لمجرّد اكتشافنا بعد ذلك وجود (ت) في إحدى التجارب العشر؛ لأنّ هذا الاكتشاف لا يعني إلّا التأكّد من وقوع صدفة واحدة، وهي اقتران الألف بالتاء في تلك التجربة، وهذا لا ينفي بأيّ شكل من الأشكال علمنا المسبق الذي يفترضه المنطق الأرسطي، وهو العلم بأنّ الصدفة لا تتكرّر على خطّ طويل؛ لأنّ هذا العلم المسبق يعني العلم بأنّ الصدفة النسبيّة لا توجد مرّة واحدة على الأقلّ خلال عشر تجارب متتابعة (إذا افترضنا أنّ الخطّ الطويل يتمثّل في عشر تجارب متتابعة). فإذا اكتشفنا بعد ذلك أنّ الصدفة النسبيّة قد وجدت في مرّة لا يكون هذا متعارضاً مع ذلك العلم المسبق، فلماذا يزول ذلك العلم بسبب هذا الاكتشاف؟
إنّ التفسير الوحيد الصحيح لذلك هو أنّ العلم بأنّ الصدفة لا توجد مرّة واحدة على الأقلّ هو وليد ناتج جمع عدد من الاحتمالات، هي: احتمال عدم وجود الصدفة في المرّة الاولى، واحتمال عدم وجودها في المرّة الثانية، وهكذا …، فإذا سقط واحد من هذه الاحتمالات واكتشفنا وجود الصدفة في مرّة