أساس الاشتباه، وهي أنّ هذا العلم لمّا كان نتيجة لواقعة محدّدة إيجابيّة أو سلبيّة (نقصد بالواقعة الإيجابيّة وجود شي‏ء وبالواقعة السلبيّة عدمه) وقد نشأ العلم الإجمالي على أساس اشتباه تلك الواقعة وعدم تميّزها عن وقائع اخرى، فهو مرتبط بتلك الواقعة المحدّدة في الواقع، وإن كان عاجزاً عن تعيينها، وإنّما يشار إليها دائماً بطريقة غامضة وبصورة غير محدّدة. فمثلًا: إذا أخبَرَنا من لا يكذب بأنّ شخصاً معيّناً قد مات، وذكر اسمه، غير أ نّنا لم نسمع الاسم بالضبط، ولم ندرِ هل ذكر اسم سعيد أو خالد، ففي هذه الحالة ينشأ لدينا علم إجمالي بأنّ إنساناً واحداً على الأقلّ قد مات، وهذا العلم مرتبط بحادثة الوفاة المحدّدة في الواقع التي أخبر عنها من لا يكذب والتي لا نملك التعبير عنها إلّابهذه الطريقة الغامضة، وهذا يعني أ نّا كلّما توفّر لدينا أيّ مبرّر للشكّ في حادثة الوفاة تلك، التي نشير إليها بطريقة غامضة، فسوف يزول العلم الإجمالي بوفاة إنسانٍ مّا.

فالعلم الإجمالي الذي يقوم على أساس الاشتباه، يرتبط دائماً بواقعة محدّدة في الواقع يشار إليها بطريقة غامضة وبصورة غير محدّدة، ويكون أيّ شكّ في تلك الواقعة، سبباً لزوال العلم الإجمالي.

وإذا لاحظنا في هذا الضوء ما يفترضه المنطق الأرسطي من العلم الإجمالي بأنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر باستمرار على خطّ طويل- أي أ نّها غير موجودة في مرّة واحدة على الأقلّ خلال عشر تجارب مثلًا- نجد أنّ هذا العلم لا يرتبط بنفي صدفة محدّدة في الواقع‏[1]، وهذا يوضّح أنّ العلم الإجمالي بأنّ واحدة على الأقلّ من الصدف النسبيّة على خطّ طويل غير موجودة لا يقوم على أساس الاشتباه.

 

[1] وبتعبير آخر: إنّ المعلوم بالإجمال ليس معيّناً حتّى في ذات الواقع( لجنة التحقيق)