فهي أيضاً لا يوجد بينها تضادّ أو تمانع في إدراكنا؛ لأنّ فرضيّة التضادّ إذا حاولنا تطبيقها على هذه الاقترانات الذاتيّة، كان معناها حينما نفترض أنّ الصدفة النسبيّة لا تتكرّر عشر مرّات مثلًا، أنّ بإمكان المجرّب أن يختار عشوائيّاً تسعة أشخاص، ممّن تتوفّر فيهم مسبقاً شروط ظهور الصداع، ولكن إذا وقع اختياره عشوائيّاً على تسعة من هذا القبيل على سبيل التتابع، فسوف يعجز عن الاختيار العشوائي لأيّ فرد آخر تتوفّر فيه نفس الشروط، لا لشيء إلّامن أجل أن لا تتكرّر الصدفة النسبيّة عشر مرّات بصورة متتابعة. فكأنّ شروط الصداع يصبح وجودها لدى أيّ إنسان- بعد الاختيار العشوائي لتسعة مصابين بأعراض الصداع- سبباً لعجز الممارس للتجربة عن اختياره، ولا يوجد إنسان يزعم أ نّه يدرك شيئاً من هذا القبيل لكي يصحّ أن تتّخذ فرضيّة التضادّ أساساً لتفسير العلم الإجمالي الأرسطي.
والشيء نفسه نقوله في مجال الاستقراء القائم على أساس الملاحظة والتعداد البسيط، فإذا اخترنا عشوائيّاً عدداً من الغربان، فوجدناها سوداء، نلاحظ اقتراناً موضوعيّاً بين الشكل المعيّن للطائر- الذي نرمز إليه باسم الغراب- والسواد، واقتراناً ذاتيّاً بين الاختيار العشوائي للغراب وكونه أسود. ولا استحالة في أن يتكرّر أيّ واحد من هذين الاقترانين دون رابطة سببيّة بين شكل الغراب والسواد.
أمّا الاقتران الموضوعي بين شكل الغراب والسواد، فبإمكاننا أن نحقّق نظيره بصورة متكرّرة في حالات لا توجد فيها رابطة سببيّة بين الشكل والسواد.
ففي ميسور أيّ إنسان أن يختار بصورة واعية، عدداً كبيراً من الدجاج الأسود كمثال للاقتران المتكرّر بين الشكل واللون، دون رابطة السببيّة.
وأمّا الاقتران الذاتي بين الاختيار العشوائي للغراب والسواد، فلا يوجد