واحتمال نفي سببيّة (ت)- الذي يحدّده العلم البعدي- يثبت بنفس الدرجة التي ينفي بها سببية (ت) وجود (أ)؛ لأنّ (ت) إذا لم يكن سبباً ل (ب) وكان (ب) موجوداً- بحسب الفرض- فلا بدّ أن يكون (أ)- الذي ثبت باستقراء سابق أ نّه سبب ل (ب)- موجوداً. وبالدرجة ذاتها يثبت موضوعية (أ)؛ لأنّ (أ) إذا كان موجوداً رغم عدم إدراكنا له، فهذا يعني أ نّه لا يتوقّف على إدراكنا. وبهذا نعرف أنّ الاحتمال النافي لسببية (ت) المستمدّ من العلم البعدي يتنافى مع احتمال ذاتية الحادثة المستمدّ من العلم القبلي الأوّل، ويتنافى أيضاً مع احتمال وجود (ت)- في حالات رؤيتنا ل (ب) دون (أ)- المستمدّ من العلم القبلي الثاني.
6- وبالمقارنة بين احتمال نفي سببية (ت) والعلم القبلي الثاني، نجد أ نّه حاكم على القيمة التي يحدّدها ذلك العلم لاحتمال وجود (ت)؛ لأنّه ينفي مصداقية (ت) للكلّي المقيّد المعلوم بالعلم القبلي الثاني؛ لأنّ المعلوم بذلك العلم وجود مصداق لماهيّة بينها وبين ماهية (ب) علاقة السببيّة، واحتمال نفي سببية ماهية (ت) لماهية (ب) يعني: أنّ مصداق (ت) ليس مصداقاً لماهية بينها وبين (ب) علاقة السببيّة، وهذا يؤدّي إلى أ نّه ليس مصداقاً للكلّي المقيّد الذي تعلّق به العلم القبلي الثاني.
ويبرهن ذلك- تطبيقاً لبديهية الحكومة- على أنّ العلم الإجمالي البعدي، بقدر ما يمنح من قيمة لاحتمال نفي السببيّة بين ماهية (ت) وماهية (ب)، يضعّف احتمال وجود (ت)، ويقوّي احتمال وجود (أ).
7- وبالمقارنة بين احتمال نفي سببية (ت) والعلم القبلي الأوّل، نجد أنّ هذا الاحتمال ينفي أحد طرفي العلم القبلي الأوّل، وهو ذاتية (أ)، ولكنّه لا ينفي مصداقيّته للكلّي الذي تعلّق به العلم القبلي الأوّل. ولا بدّ في هذه الحالة من تطبيق قاعدة الضرب بدلًا عن بديهية الحكومة.