(الصدفة) لا يكون دائميّاً أو أكثريّاً، بمعنى أنّ أيّ شيئين ليست بينهما رابطة سببيّة، لا يتكرّر اقترانهما في جميع الأحيان، ولا في أكثر الأحيان.

وفي رأي المنطق الأرسطي: إنّ الدليل الاستقرائي بعد أن يحصل خلال الاستقراء الناقص على عدد كبير من الأمثلة، ينطلق من ذلك المبدأ العقلي، ويتّخذ الشكل القياسي في الاستدلال، فيقرّر: أنّ ظاهرة ألف، وظاهرة باء قد اقترنتا خلال الاستقراء في مرّات كثيرة[1]، وكلّما اقترنت ظاهرتان بكثرة، فإحداهما سبب للُاخرى؛ لأنّ الاتفاق لا يكون دائميّاً ولا أكثريّاً. ويستنتج من ذلك أنّ (أ) سبب ل (ب). وهذا استدلال قياسيّ بطبيعته؛ لأنّه يسير من العامّ إلى الخاصّ، وليس من نمط الاستدلال الاستقرائي، الذي يسير من الخاصّ إلى العامّ.

وإذا ثبت باستدلال قياسي يسير من العامّ إلى الخاصّ، أنّ بين الحرارة وتمدّد الحديد رابطة سببيّة، استطعنا أن نؤكّد أنّ الحديد يتمدّد كلّما تعرّض للحرارة؛ لأنّ المسبّب يوجد كلّما وجد سببه.

وهكذا نلاحظ أنّ الدور المباشر الذي يلعبه الاستقراء الناقص في رأي المنطق الأرسطي هو تقديم صغرى القياس، إذ يستخلص من الاستقراء الناقص‏

 

[1] ولا يخفى أنّ المقصود بظاهرة( ألف) هو القدر الملحوظ من خصائص تلك الظاهرة، والسببيّة المطلوب إثباتها هي السببيّة بين ظاهرة( ألف) بما فيها من الخصائص الظاهرة فحسب وبين ظاهرة( باء) لا مع ما قد يكون فيها من خصائص خفيّة، وإلّا لم يمكن إثبات التعميم بهذه السببيّة، إذ لو كانت هناك خصائص خفيّة دخيلة في السببيّة لم يمكن إثبات تحقّق المسبّب عند تحقّق تلك الظاهرة في غير الحالات التي امتدّ إليها الاستقراء، لأنّنا لا نعلم حينئذٍ تواجدَ تلك الخصائص الخفيّة في غير تلك الحالات حتّى نستطيع تعميم الحكم بتحقّق المسبّب( لجنة التحقيق)