في البداية يوجد علم إجمالي قبلي بأنّ المكتبة دخلها أحد الشخصين:
خالد أو زيد، واحتمال دخول أيّ واحد منهما على أساس هذا العلم: 2/ 1، وبعد رؤية نوع الكتب المسحوبة للمطالعة يتقيّد المعلوم بهذا العلم بصفة، وهي: أنّ الذي دخل المكتبة إنسان يتوفّر على دراسة القياس الأرسطي. وإلى جانب ذلك يوجد علم إجمالي باحتمالات نوع الدراسة التي يهتمّ بها زيد، فإذا فرضنا أ نّها ثمانية، وواحد منها فقط هو احتمال اهتمامه بدراسة القياس الأرسطي، فسوف يثبت هذا العلم الإجمالي بقيمة احتمالية كبيرة تساوي 28/ 1 7/ 16/ 15 أنّ الذي دخل المكتبة هو خالد.
ونلاحظ في هذه الحالة أنّ هذه القيمة الاحتمالية المستمدّة من العلم الإجمالي الثاني، حاكمة على القيمة الاحتمالية المستمدّة من العلم الأوّل، النافية لدخول خالد والمثبتة لدخول زيد، التي كانت تساوي 2/ 1؛ لأنّ المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل هو دخول شخص مقيّد بصفة، وهي: أ نّه يمارس دراسة في القياس الأرسطي. والعلم الإجمالي الثاني ينفي- بدرجة كبيرة من الاحتمال- أن يكون زيد متّصفاً بتلك الصفة، وبهذا ينفي مصداقيّته للكلّي المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل، ويكون حاكماً على قيم العلم الإجمالي القبلي.
هذه هي الحالات الثلاث للتطبيق الثاني للدليل الاستقرائي.
وهكذا نعرف أنّ الدليل الاستقرائي في مرحلته الاستنباطية تارة يواجه شيئاً ثابتاً نعلم بوجوده خلال التجربة، فينمّي قيمة احتمال سببيّته،- ولنطلق عليه اسم «الشكل الأوّل من الاستدلال الاستقرائي»-، واخرى يواجه شيئاً مشكوكاً ومحتملًا بدرجة محدّدة على أساس علم إجمالي قبلي، فيتّجه إلى تنمية احتمال وجوده على أساس علم إجمالي آخر، وتطبيق قاعدة الضرب أو بديهية الحكومة،- ولنطلق عليه اسم «الشكل الثاني من الاستدلال الاستقرائي»-.