معيّنة من المادّة، ويتمّ ذلك عن طريق فحص المستقرئ كلّ أجزاء العالم لكي يستطيع أن يستوعب كلّ قطع الحديد، ويميّزها عن غيرها من خشب أو فحم أو ماء، ويخرج المستقرئ من فحصه واستقرائه هذا بنتيجة وهي: أنّ تلك المجموعة- التي ميّزها عن غيرها من المجاميع- هي كلّ قطع الحديد في العالم.
وثانياً: يقوم المستدلّ بفحص أفراد تلك المجموعة قطعة قطعة ليجد أنّ كلّ عضو فيها يتمدّد بالحرارة، ويخرج المستقرئ من فحصه واستقرائه هذا بنتيجة وهي: أنّ كلّ عضو في هذه المجموعة يتمدّد بالحرارة.
وهكذا تصبح لدى المستقرئ قضيّتان ناتجتان عن استقراءين:
إحداهما: أنّ القطع الحديديّة- التي ميّزها في استقرائه الأوّل- هي كلّ قطع الحديد في العالم.
والاخرى: أنّ كلّ واحدة من هذه القطع تتمدّد بالحرارة.
وهاتان القضيّتان يلزم عنهما من الناحية المنطقيّة أنّ كلّ قطع الحديد تتمدّد بالحرارة، إذ لدينا مجموعة من القطع الحديديّة وصفناها في القضيّة الاولى بأ نّها كلّ قطع الحديد، ووصفناها في القضيّة الثانية بأ نّها جميعاً تتمدّد بالحرارة، فمن الطبيعي أن نستنتج من ذلك العلاقة بين نفس الوصفين، ونعرف أنّ كلّ قطع الحديد تتمدّد بالحرارة.
وهكذا نعرف أنّ القضيّة المستدلّة بالاستقراء تعبّر عن العلاقة بين الوصفين أو المحمولين للمجموعة الواحدة، وهي علاقة مستنتجة منطقيّاً من علاقتين:
إحداهما علاقة أحد المحمولين بأعضاء المجموعة، والاخرى علاقة المحمول الآخر بالمجموعة. والاستدلال الاستقرائي على هذا الأساس صحيح من الناحية المنطقيّة؛ لأنّه استدلال على قضيّة جديدة مستنتجة من القضايا التي عرفت خلال استقراءين مزدوجين.