فلا بدّ أن نحصل- أوّلًا- على قيمة محدّدة لاحتمال أنّ كلّ بقرة مجترّة قبل الاستقراء، وليس قبل استقراء فئة الأبقار خاصّة، بل قبل جميع المعلومات الاستقرائية ككلّ. ثمّ نكشف خلال الاستقراء الشواهد على صدق التعميم، إذ نجد أنّ هذه البقرة مجترّة، وهذه مجترّة، وهكذا. وكشف هذه الشواهد يؤدّي إلى اقتراب ذلك الاحتمال القبلي للتعميم إلى اليقين كلّما اقترب احتمال اجترار البقرات التي اختبرناها- على افتراض أنّ التعميم كاذب- من الصفر، فهناك نقطتان في محاولة (كينز):
الاولى: أنّ تحديد قيمة الاحتمال القبلي للتعميم- أي القانون السببي- شرط ضروري لتفسير الدليل الاستقرائي ودوره في إثبات التعميم بدرجة احتمالية كبيرة.
الثانية: أنّ هناك احتمالين (حن) و (كن)، وكلّما اقتربت (كن) من الصفر اقتربت (حن) من الواحد.
ولنأخذ الآن النقطة الاولى: إنّنا على ضوء تفسيرنا المتقدّم للدليل الاستقرائي في مرحلته الاستنباطية، نستطيع أن نعرف أنّ الشرط الأساس لتطبيق الطريقة العامّة التي حدّدناها لهذه المرحلة- ما لم ينطبق مبدأ الحكومة-: أن تمتلك القضية الاستقرائية احتمالًا قبلياً يفرضه (العلم 1)، لا يقلّ قيمته عن قيمة احتمال نفي تلك القضية الاستقرائية التي يفرضها (العلم 2) بعد عدد صغير نسبياً من التجارب، كتجربة واحدة مثلًا. فمتى توفّر هذا الشرط أمكن للدليل الاستقرائي أن يمارس مرحلته الاستنباطية بنجاح، حتّى إذا لم يكن الاحتمال القبلي محدّداً بصورة مطلقة، بأن كان كسراً لا يتناهى في الضآلة. فالمهمّ هو التحديد النسبي لا التحديد المطلق، أي كون الكسر الذي يفرضه (العلم 1) ممثلًا للاحتمال القبلي لثبوت القضية الاستقرائية لا يقلّ- على الأقلّ- عن الكسر الذي يفرضه (العلم 2) ممثّلًا لاحتمال نفي القضية الاستقرائية بعد تجربة واحدة ناجحة